وصف الكتاب:
يتناول الكاتب المعاناة التي يعيشها المغتربون ولا أحد يعلم عنها شيء، ولا يشعر بتلك المعاناة غير أنفسهم؛ فمعظم أهاليهم يرونهم يعيشون في جنة، ولكن الواقع يشبه الجحيم المُظلم يغطيها سحب المناظر الخلابة. يقول المؤلف: «أهالي هؤلاء ينظرون مصدرًا لرزقهم والبعض منهم لا يبالي بما يحدث لهم، بل هناك من لا يصدق بمعاناة هؤلاء في الغربة. إنهم ضحايا يحرقون أنفسهم من أجل أن تكون أسرهم في نور! هناك من ماتوا بسبب محاولتهم للوصول إلى وجهتم، وهناك من غرقوا في البحر، ومنهم من قتل، وأيضًا من نُهب، ومنهم من اُغتصب، والبعض منهم سجن وعُذب، وآخرون تم بيعهم كأنهم سلعة تباع وتشترى. معاناة إنسانية حقيقية تصل إلى درجة الانحراف ثم الإدمان على المخدرات وصولًا إلى قتل أنفسهم بسبب الأوضاع المأساوية. المغترب في عقول أهله إنسان غني يملك المال والثروة، وينعم بحياةٍ كريمةٍ يغمرها سعادة لا توصف، نعم هم يعرفون الوجه المشرق للغربة ولكن أكثرهم غير مدركين للجانب المظلم لها». ومن أجواء رواية «الغربة القاتلة» جلست ذات يوم في شرفتي المطلة على شارع شانزليزيه، وكنت أشاهد الأخبار من هاتفي الجوال، وتذكرت أهلي وأصدقائي، فبكيت كثيرًا؛ لفراقي لهم. كانت الأيام تشبه بعضها، فأنا أستيقظ في الصباح الباكر للعمل وكسب اليورو، وأعود في المساء متعبًا، نائمًا في هدوء لكي أستيقظ مجددًا وهكذا هو الحال كل يومٍ. فالراتب الذي أكسبه قد يجعلك تتمنى المجيء إلى هنا، ولكن في الحقيقة يعتبر هو الحد الأدنى للأجور هنا، فأنا أدفع معظمه مقابل الإقامة والعيش. الحياة هنا لا طعم لها ولا لون، فالغربة جعلتني شخصًا حزينًا، وعزلتني عن مخالطة الآخرين والتحدث إليهم، بل وصل الأمر إلى عدم تصفح المواقع الاجتماعية. ذهبت ذات يوم إلى نهر السين، أتأمل في حياتي، محاولًا استرجاع ذكرياتي القديمة، ولكن ذاكرتي صارت مشوهة حيث باتت لا تميز بين اليوم والغد، فتوقفت تمامًا عن التفكير. وتحدثت إلى نفسي قائلُا لها: ماذا فعلت بي الغربة؟ هل تريد الغربة قتل مخيلتي؟..».