وصف الكتاب:
يمثل الديوان حالة شعرية ووجدانية استثنائية ومرآة للشاعر الوطني الأصيل، يمكن لكل يمني عادي أن يجد نفسه بين سطور قصائده البسيطة، عبر القضايا التي يتناولها شاعرنا بدقة من خلال تفاعله المباشر وتأثره بكل ما يواجهه أي مواطن في يومه أو ينتظره في غده، لذا جاءت عميقة، سهلة، فياضة، تخترق المشاعر وتلمسها بلا تردد ولا تفكير. يقول المؤلف في ديوان «جدار الصمت» في مجتمعنا التقليدي القبلي وخاصة في شرق اليمن تفرض عليك صرامة التربية المحافظة وقسوة البيئة التي تترعرع فيها طفلًا وتلتصق بها يافعًا وتحن إليها في مرحلة النضج والتقدم في العمر. ثمة قواعد عرفية ملزمة يتساوى فيها الأمي والمتعلم والسياسي والشاعر لا يمكنك أن تتمرد عليها في غالب الأحوال وحتى لو كنت شخصية متمردة بطبيعتك لكنك تجد نفسك معنيًا بها خاصة حين يخيم منطق الحرب على منطق السلام. ومن هذه القواعد السكون في ساعات الانفعالات والصمت عند الثرثرة والصبر عند النوازل والمجازفة حينما يكون التعقل على حساب الكرامة إلى جانب رباطة الجأش حينما يفقد الآخرين توازنهم و حصافتهم. ومن يعرف المجتمع القبلي التقليدي في حواراتهم ونقاشاتهم البينية سيجد أن أكثر المشاركات أهمية هي أوجزها وأقوى الشخوص حضورًا هم أولئك الذين يكونوا آخر من يتكلم إذا زادوا المتحدثين وأول من يتصدى للحديث إذا كان الموقف مربكًا أو صادمًا للجميع. «جدار الصمت» هو الحائط الذي يمكنك أن تقف خلفه لتعبر عن ما يحيط بك من مخاوف وما يتملكك من مشاعر حين تجد أن العالم من حولك يغرق في عاصفة هوجًا من الأحداث والصراعات والشعارات والمواجع. فعندها أنت محتاجًا أن تفكر بشكل مختلف وتكتب بأسلوبك الخاص وتخاطب جمهورك باللغة التي يفهمونها وتميزك عن غيرك ما استطعت فأنت معني بأن تبدع وتبتكر لا أن تقلد أو تتجمد ومن المعلوم أن الشعر إلهام وليس مجرد نظم ووزن.. من قصائد الديوان افتتح الشاعر الديوان بقصيدة ( الــدنيـا ســعـة) طيبة لوما بقي في الطيب طيب الصدور وســاع والدنيا ســعة عافية ما ذيب يأكل لحم ذيب إن ردع منك الزمن وإلا أردعه واردة قدهي على راس القليب فـــوق جاله والحبال مشـرعة سايقنها القيض والدنيا لهيب حشــر.. بين مهملة ومسنعة وأنت لو مالك في الجمة نصيب بِـــع ركابك واشتري لك مزرعه يا هل الطرعات لو جيتو العزيب حيث بــدوان الشـعاب مجمعــه وصلــوا مني ســلامي للقــريب والبعيــد وكل حاضــر يســمعه طمنــوهم مــا يســج إلا لبيــب يلحـق المطـمـوع وإلا ينــزعــه عاد باتجـزع على راس الصليب الحقــوق.. محــدشــة ومـربعــة وفي منتصف الديوان وردت قصيدة: (جــدار الصمت) إن حكينا صارت الكلمــة عذاب وإن سكتنا صارت السكته ذنوب جات من خـالي يبا مني جــواب الجواب أطيب من أنسام الهبوب أنا من خـــالي وكلنــا من تــراب أتحــد فيــنا شــماله والجنـــوب ومن روابي نجد وشعاب الضباب عندنا تـركـع حضارات الشعـوب يا جدار الصمــت يا عين الصواب أنت قلعــة ما تـدمرهـا الحـــروب فيــك للعاقــل من الــزلة حجـاب وفـيك للجاهل من السقطة ركـوب إن حكينــا صــار للكلمــة حســاب منهـا نصنــع مفــاتيــح القـلــوب وإن سكتنـا ما على الساكت عتـاب خاصـة لـو مـا في السـكتـه هـروب السكوت أحسـن إذا الساكت مهاب والـكلام أفضل من الصمت الكذوب ثم اختتم الشاعر ديوانه الذي يواجه الصخب بالهدوء واليأس بالأمل والخوف بالثقة والحرب بالسلام.. بقصيدة: (الدنيـا عـوافـي) طويــنا العمــر والدنيا عوافي سنين عجاف ما كن به خلافي نشوف عجــافها كأنها ســمان ونعيش سمانها مثل العجافي إذا ضــاقت نخليهــا وســاع كان أبوابهــا صــدر السنــافي ألا يــالله على دار الحبـــايــب مطــر هتـان يــروي كل عـافي على الجدعان حميان الطوارف يردوا من غــزاء مرجـل وحـافي لــهم بيـن القبايـل علـم زيـــن ومن منـا حضـر يكـفي وكـافي على مذهـب قـوييـن العــزايم حمينـاها وعـاد الــراس دافـي بفضــل الله.. وأهل الرأي فينا موحـد صفنا والحوض صـافي وهكذا يمكن القارئ التنقل بين نصوص شعرية متنوعة وصور جمالية متناسقة في ديوان شعري من نوع فريد يواجه الصخب بالهدوء واليأس بالأمل والخوف بالتحدي والحيرة بالثقة والحرب بالسلام.