وصف الكتاب:
تمثل الرعاية الاجتماعية بحق البذور الأولى لمهنة الخدمة الاجتماعية؛ إذ إن الخدمة الاجتماعية كمهنة لم تُمارس بشكل متخصص إلا في بداية القرن العشرين فهي مهنة حديثة غير أن جذورها تمتد إلى آفاق بعيدة، ولقد تطورت المهنة من خلال تلك الأنشطة الخاصة بالرعاية الاجتماعية. والخدمة الاجتماعية كظاهرة اجتماعية كانت استجابة لظروف اجتماعية وإشباع حاجات معينة في المجتمع الأمريكي؛ ولذلك فإن فهم وتقييم مادتها تتطلب لمحة تاريخية وتطورية توضح الأيديولوجية التي قامت عليها، لأن فهم المهنة يمكن أن يتحقق من خلال رؤيتها من نقطة ما وبالرجوع إلى ما كانت عليه في الماضي، كما أنّ هناك أهدافاً أخرى يخدمها التقييم التاريخي، حيث يتكامل التراث والتاريخ بالنسبة للفرد الممارس للمهنة من خلال معرفته ببدايات وتطور مهنته، وربما لهذا يسعى لمعرفة أكبر لجذورها ومبادئها لكي يدرك بصورة أكبر مكانة المهنة الآن وطبيعتها ووظيفتها وتحقيق درجة قصوى من المعرفة بما تم من قبل والإعداد للمستقبل. ولقد كان ظهور الخدمة الاجتماعية وتطورها منذ فجر التاريخ بهدف الحماية المتبادلة، ثم تأثرت بالدين، والدوافع الأخلاقية المجردة بقيمها الدينية والوصفية، ولكن الخدمة الاجتماعية اليوم متعددة الدوافع قائمة على فلسفة إنسانية، هدفها رعاية الإنسان كخطوة على الطريق نحو رعاية المجتمع الإنساني ذاته، خاصة في عصرٍ اتسم بالمادية الصناعية. وتعتمد الممارسة المهنية على استخدام الأساس المعرفي مع الأساس المهاري للخدمة الاجتماعية، لتنفيذ التفويض المجتمعي بتقديم الخدمات الاجتماعية بالطرق التي تتسق مع الأساس القيمي للخدمة الاجتماعية، وتشتمل الممارسة على طرق التعامل مع المشكلات الاجتماعية أو الشخصية، وإعادة تأهيل الذين ضعفت قدراتهم على الأداء الاجتماعي، وتتضح ممارسة الخدمة الاجتماعية إما على مستوى الوحدات الصغرى أو المتوسطة أو الكبرى. ولذلك يشكل محتوى تعليم الخدمة الاجتماعية في أي مجتمع وبصفة خاصة في المجتمعات النامية أهمية قصوى لتنطلق المهنة نحو إعداد أجيال من الممارسين القادرين على تحمل تبعات التنمية في المستقبل والاستفادة منهم إلى أقصى درجة ممكنة وضمان عنصر الاستمرارية لهم. وعلى الرغم من أن عملية الإعداد المهني لها أهمية كبيرة في مهنة الخدمة الاجتماعية فإن العولمة والتغييرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والاتجاه الى الجودة في كل شيء، ومتطلبات سوق العمل تؤكد جميعها على أهمية التطوير المستمر وتحقيق الجودة في عملية إعداد الاخصائي الاجتماعي. وفي هذا المؤلف سيتم تناول الأسس النظرية لمهنة الخدمة الاجتماعية وبدايات ظهورها وتطورها، والأساليب الحديثة للممارسة المهنية بهدف تقديم إطارٍ مرجعيّ يعاون في الإلمام بتلك الأساليب وكيفية ممارستها في الواقع بغرض تحقيق الأهداف المنشودة من عمليات التدخل المهني للممارسين في مجالات الخدمة الاجتماعية المتنوعة ... آملين أن يساهم هذا العمل في تحقيق ذلك.