وصف الكتاب:
تعد الطفولة من أهم المراحل في حياة الإنسان، إذ إنها الركيزة الأساسية لحياته وهي خطواته الأولى في طريق النمو، ولما كنا نعيش في عصر العولمة الذي يتميز بالتغير السريع والتطور العلمي والتكنولوجي في كافة المجالات ولكي نتمكن من الوفاء بمتطلبات هذا العصر أصبح لزاما علينا أن نعتني بالطفولة باعتبارها مرحلة البناء والتكوين والسبيل لإعداد أفراد يستطيعون مسايرة هذا العصر والمساهمة في حل مشكلاته. أما السبيل للعناية بهذه الطفولة فهو الاهتمام بتنمية إدراك الأطفال ومفاهيمهم وإحساسهم بالعالم المحيط بهم ولكي يتحقق ذلك يجب ان تكون هناك أهداف واضحة ومحددة لتربيتهم وتنمية قدراتهم العقلية من خلال ما يمارسونه من نشاط تتميز به تلك الفترة من حياتهم. وتعد مرحلة الطفولة مرحلة استهلالية لما يتلوها من مراحل النمو فهي الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد، كما أنها تعد من الفترات الحساسة في حياته حيث يمتاز الفرد فيها بالنشاط والحركة والمرونة والقابلية للتعلم، وهي مجال لاكتساب الخبرات التي تترك آثارا قوية في حياته المستقبلية. ومن هنا كانت تربية الطفل مهمة إنسانية نبيلة ذات مرام بعيدة تجعل من المستقبل غاياتها ومن الحاضر ابتداءها لمهمتها في بناء الإنسان الذي يعتبر بنية أساسية في استمرارية الحياة وديمومتها. وفي أهمية الالتفات للطفولة وحسن رعايتها يقول الرسوم الكريم r «الولد من ريحان الجنة» كما كان صلوات الله وسلامه عليه يأمر بالعطف على الأطفال وحبهم،ويحث على وجوب معاملتهم بالرحمة واللين، فقال r «ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا». ولأهمية هذه المرحلة فقد وضع الإسلام مبادئ تكفل حق الأطفال في التمتع بحياة الطفولة، ولا تعني حرية الطفولة ترك الأطفال لطبيعتهم تنمو في عشوائية وهمجية، بل لابد من تعليم وتهذيب خلقي في حدود إمكانات الطفل، وجاءت السنة المطهرة بكثير من الأحاديث التي توجه الآباء إلى حسن تأديب الأبناء منذ الصغر ومنها ما روي عن الرسول rأنه قال «لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع» وقوله «ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن» ويقول الإمام الماوردي – رحمه الله- فأما التأديب اللازم للأب، فهو أن يأخذ ولده بمبادئ الآداب ليأنس بها وينشأ عليها، فيسهل عليه قبولها عند الكبر لاستئناسه بمبادئها في الصغر، لان نشأة الصغير على شيء تجعله متطبعا، ومن أغفل في الصغر كان تأديبه في الكبر عسيرا. ويعيش الطفل العربي في الحقبة الراهنة في ظل عصر العولمة ومتغيراتها ويتأثر بتكنولوجيا المعلومات او الاتصالات والانفتاح على العالم حوله مما يؤثر على مفاهيمه الاجتماعية والخلقية بدرجة كبيرة ويستوجب من كافة مؤسسات المجتمع حسن رعايته وتربيته، والهدف من هذا الكتاب هو توضيح أهم المفاهيم والقيم الخلقية والاجتماعية التي يكتسبها طفل القرن الحادي والعشرين في ضوء ظاهرة العولمة والانفتاح على العالم الخارجي بإيجابياته وسلبياته. فالطفولة هي صانعة المستقبل والعناية بالأطفال في مراحله المبكرة سيكون القاعدة الوطيدة التي يبنى على أساسها مستقبلهم في المراحل التالية، وإعداد هذه البراعم الصغيرة للغد المأمول لا يجب أن يتم عشوائيا ولا يجب أن يترك الطفل لذاته لينمو بأي شكل وفي أي اتجاه بل لابد من تضافر جهود الأسرة والروضة والمدرسة وأجهزة الإعلام والمساجد في حسن إعداد الطفل وتوجيهه وتزويده بالمفاهيم المناسبة لمواجهة العصر وتحدياته. ونأمل أن يكون هذا الكتاب دليلا للقائمين على رعاية الطفل وتربيته فيما بين سن الثالثة والسادسة خاصة وفي المراحل التالية عامة. ويتكون هذا الكتاب من أربعة أبواب تشمل تسعة فصول، يتناول الباب الأول: المفاهيم الدينية لدى الأطفال، الفصل الأول: التعريف بالمفاهيم وأهميتها لدى الأطفال،والفصل الثانى: النمو الديني لدى طفل ما قبل المدرسة،: مدخل إلى تعليم الطفل المفاهيم الدينية، والفصل الثالث: المدخل إلى تعليم الطفل المفاهيم الدينية وأساليب تنمية المفاهيم الدينية، ويتناول الباب الثاني: المفاهيم الخلقية لدى الأطفال. ويتناول الفصل الرابع: طبيعة الأخلاق ونمو المفاهيم الخلقية لدى الأطفال. والفصل الخامس: دراسات بياجيه وكولبرج للمفاهيم الخلقية لدى الأطفال، ويتناول الباب الثالث:الفصل السادس: المفاهيم الاجتماعية لدى الأطفال والفصل السابع: النمو الاجتماعى والتنشئة الاجتماعية للطفل. ويتناول الباب الرابع: القيم الاجتماعية والخلقية، الفصل الثامن يتحدث عن: مفهوم القيم، وظائفها، تصنيفها وتنميتها، والفصل التاسع: دور وسائط المجتمع في تنمية مفاهيم الأطفال وتعزيز قيمهم في عصر العولمة ,والفصل العاشر: أساليب تنمية المفاهيم الخلقية والاجتماعية لدى الأطفال. ويلاحظ أن عملية تكوين المفاهيم الدينية والخلقية والاجتماعية عملية متكاملة لا يمكن فصل أي جزء منها عن الآخر، وما تم هنا فهوللتسهيل على القارئ، كما أن تربية الطفل على أسس سليمة ليست بالأمر الهين، ونأمل في أن يتمتع أطفال الأمة العربية بالخلق الرفيع والقيم السامية والمهارات الاجتماعية المتنوعة التي تساعدهم على إثبات مكانتهم عالميا.