وصف الكتاب:
في المقدمة كان الكلام عن سبب تأليف الكتاب وأصله وعن مصطلح الأشاعرة مع التعريف بالأشعري، ثم تناول المؤلفان تحت عنوان (هل مات الإمام على عقيدة غير العقيدة التي كان عليها بعد توبته من الاعتزال) تناولا ثلاثة أمور: أولا: المراحل التي مر بها أبو الحسن الأشعري، وهل هي اثنان أم ثلاثة. وثانيا: اتباعه في المرحلة الثانية لابن كلاب، وهل كان ابن كلاب من أهل السنة. وثالثا: المرحلة الثالثة من حياة أبي الحسن وكتابه (الإبانة). وتكلما بعد ذلك عن دعوى رجوع بعض الأئمة عن عقيدة الأشاعرة. وتحت عنوان (أهل السنة والجماعة) حشد الكاتبان كثيراً من النقول ليثبتا بها أن الأشاعرة من أهل السنة، ثم أردفا ذلك بنقولات عن بعض المشايخ المعاصرين كحسن أيوب وسعيد حوى . وبعد ذلك تكلما عن موضوع المتشابه عند السلف والخلف ومعناه، وذلك لتعلقه بمسألة التأويل لصفات الله، والتي يجيزها جمهور الأشاعرة والماتريدية. ثم انتقل المؤلفان إلى موضوع آخر، وهو الخلاف في العقيدة، وهل كل خلاف في العقيدة يترتب عليه التفسيق والتكفير أو التبديع والتضليل، سواء كان في الأصول أو في الفروع، ومن خلاله تعرضا لمسألة الاتصال والانفصال بالنسبة لله، وكونه بائناً من خلقه بذاته، وذكرا أقوال العلماء في نفي الجهة عن الله وتنزيهه عن المكان. ولما كانت مسألتا التأويل والتفويض من الموضوعات التي كثر فيها الخصام، واحتدم بسببها الخلاف تعرض المؤلفان لهما مع تقرير أن مذهب جمهور السلف هو التفويض، وبيَّنا بعده أن التأويل هو مذهب سلفي وعربي صحيح، وذكرا نماذج من تأويل العلماء لنصوص الصفات، وبعده نفيا التهمة التي ألصقت بالأشاعرة من التعطيل لصفات رب العالمين، وبيَّن المؤلفان حقيقة التعطيل، وقررا أن الأشاعرة برآء من التعطيل، وذكرا تأويلات للسلف لنصوص آيات الصفات. وتدعيماً لمذهب الأشاعرة والماتريدية بيَّن المؤلفان أن الأشاعرة والماتريدية هم غالب الأمة، وذكرا بعض الأشاعرة من المفسرين والمحدثين والفقهاء واللغويين والأدباء وغيرهم، ثم ذكرا شيئا من فضائل الأشاعرة والماتريدية وجهودهم في الدفاع عن الدين والرد على المبتدعين، وذكرا الفتاوى والأقوال في فضلهم، ثم ذكرا عقيدة أهل السنة والجماعة- يقصدان الأشاعرة والماتريدية- في أسماء الله وصفاته، ثم كانت الخاتمة والتي قرر فيها المؤلفان أهل النتائج التي توصلا إليها ومنها: - أن مصطلح أهل السنة والجماعة يراد به أهل الحديث والأشاعرة والماتريدية . - أن المتشابه من نصوص الصفات ليس فيه إلا مذهبان صحيحان للعلماء هما التفويض والتأويل والاختلاف بينهما من الاختلاف الجائز. - التأويل بشروطه شعار سني وهو ليس تعطيلاً . هذه أهم النتائج التي توصل إليها المؤلفان. ولا شك أن الكتاب عليه مؤاخذات كثيرة ولا يهولنك الأسماء التي قدمت له مقرظة لما يحتويه فكما قيل: لا تعرف الحق بالرجال، ولكن اعرف الحق تعرف أهله. فابتداء إدخال الأشاعرة والماتريدية في مصطلح أهل السنة والجماعة وإلصاق ما ذهبوا إليه بالسلف فيه نظر وذلك لمخالفتهم للسنة ومباينتهم لمذهب السلف في مسائل كثيرة كحقيقة الإيمان وما يتعلق به والأسماء والصفات ومصدر التلقي وغيرها، ويراجع كتاب (منهج الأشاعرة في العقيدة) للوقوف على هذه المخالفات. ثم إن قولهما: إن السلف ليس لهم إلا مذهبان فقط في المتشابه من نصوص الصفات الأول التفويض وعليه جمهورهم والثاني التأويل وهو مذهب لبعضهم، وكلاهما يتفق على عدم حمل الكلام على حقيقته. يجاب عنه بما نقله ابن عبد البر في (التمهيد) (7/145) من إجماع السلف على غير ذلك فقد قال : (أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة، وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة والخوارج فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة، ويزعمون أن من أقرَّ بها مشبه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله) بل إن كلام أبي الحسن الأشعري ناقض لكلامهما فقد قال في (الإبانة)(ص 139) : حكم كلام الله تعالى أن يكون على ظاهره وحقيقته ولا يخرج الشيء عن ظاهره إلى المجاز إلا بحجة ... كذلك قوله تعالى: {لما خلقت بيدي} على ظاهره أو حقيقته من إثبات اليدين ... بل واجب أن يكون قوله تعالى: {لما خلقت بيدي} إثبات يدين لله تعالى في الحقيقة غير نعمتين إذا كانت النعمتان لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول قائلهم: فعلت بيدي. وهو يعني النعمتين. انتهى كلامه رحمه الله، وهو كاف في إبطال ما قرره الكاتبان. وهل كان خلاف السلف مع خصومهم من أهل البدع إلا على إثبات حقائق صفات الله تعالى، فلو كان الجميع متفقين على كونها من المجاز لما كان بين السلف والمعطلة خصومة. ومن ظنَّ أن حقيقة الصفة الثابتة لله هي حقيقة صفة المخلوق فقد ضل، وذهب إلى ما لا يقره عقل ولا نقل، ولا تؤيده لغة، فالصفة تابعة للموصوف، فإذا كان لله ذات حقيقة وللمخلوق ذات حقيقة لم يلزم أن تكون حقيقة ذات الله هي حقيقة ذات المخلوق، ولا وجوده هو حقيقة وجود المخلوق؛ لأن الله عز وجل ليس كمثله شيء. كذلك فإن نسبة المؤلفين التفويض إلى السلف خطأ عليهم فنصوص الكتاب والسنة وعبارات السلف صريحة في إثبات معاني الصفات، وقد أمر الله بتدبر كتابه وعاب على اليهود الذين لا يعرفون منه إلا مجرد التلاوة من غير فهم ولا فقه فقال: {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون}، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم القرآن لأصحابه بلفظه ومعناه، ولم يكن الواحد من الصحابة يجاوز العشر آيات من القرآن حتى يتعلم ما فيها من العلم والعمل، وإذا كان الصحابة أحرص الناس على معرفة الحلال والحرام فهم لمعرفة صفات خالقهم أشد حرصاً. كذلك فإن القول بالتفويض يستلزم تجهيل النبي صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة. والعجب أن المؤلفين يصرفان قول السلف (بلا كيف) إلى أنه يفهم منه (بلا معنى) ويقولان: لأن لفظ الـ (كيف) هنا مستفهم به عن المعنى. وهذا عجيب فـ(كيف) يستفهم بها عن الحال والكيفية والماهية لا الاستفهام عن المعاني.