وصف الكتاب:
خَمسُ دقائق، تَكفي لِـقَذف هذا الكون الدَّميم بما يستحق مِنْ شتائم، والابتعاد عن مُحاوَلتكم الواهية لِرقشِه وتَلميعه، وطرقكُم الوَاهنة لِتَزويق سَمْت الحياة، الَّتي آضَت كجُحْر كَبير دُفنَّا في قَعرِه. أسْتَقصُّ فقط عَن خَمسِ دقائق حتَّى أمحي بها اسمي مِنْ عَلَى صحيفة الوجود، وأكتُب عَلَى ستائر السَّماء كَلِمة الأخيرة. نحنُ نسير في رحاب البسيطة بحثاً عن أنفسنا، بحثاً عن أشلاء أرواحنا المتناثرة، كل جزء منَّا يُقتَضم مع رحيل أحدهم، نُمَزَّق، نهترِئ حتَّى نصبح أجساد رثَّة لا تقوى على حمل عِبء الحياة. أيّ منفى الَّذي يأوي أنفسنا المُنهكة، المُشرَّدة، غير المرغوب بها في غياهب هذا المكان، أي منفى يستقبلنا وقد ضاقَ بنا الكون السَّحيق، وأي أرض تحمل على عاتقها وزر جسد تشظَّى شَظفاً. أبحر وأغوص في القاع خوفاً من الصُّعود للسَّطح والتَّورُّط معهم في الزَّيف. فها أنا أزداد غرقاً، من غير أن أستنجد بيد بشري، فالبقاء في غياهب العتمة يناسب روحاً شَجيَّة مثل الَّتي تسكنني.