وصف الكتاب:
لمّا كان دور المحكَّم يقوم على أساس تسوية النزاع بين الخصوم خارج مظلّة السلطة القضائية المعهودة، وكان الحكم الصادر في النزاع يحوز حجّية الأمر المقضي به، ويكون واجب النفاذ. فقد حرص المنظّم السُّعودي على وضع القواعد والأسس والضمانات التي تكفل للتحكيم مكانةً لائقةً به، وتزيد من ثقة الخصوم في هذا النوع الخاص من القضاء. وإنّ من أهمّ هذه الضمانات، حق الخصوم في ردّ المحكَّم. لا ريب في ضرورة أن يخضع المحكّم لمبدأ الحياد والاستقلال، وأن يكون بعيداً عن كلّ ما يقدح فيهما. فإذا خالف المحكَّم ذلك، ظهرت إشكالية البحث المتمثلة بحقّ الخصم في ردّ المحكَّم الذي كساه ما يقدح حياده أو استقلاله. فهدف هذه الدراسة التحليلية، تأصيل ردِّ المحكَّم في النّظام السُّعودي القائم على أساس من الشريعة الإسلامية، وذلك بتلمّس الرّد في أحكام الفقه الإسلامي، بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وإظهار تفوّق الأنظمة العدلية في المملكة العربية السُّعودية التي استمدّت أحكامها من هذه الشريعة، وإظهار حق الخصم في ردّ المحكّم الذي لحق حياده واستقلاله ما يقدح فيهما، بتبيين أساس الأسباب التي يمكن أن تؤثّر على حياد المحكَّم أو استقلاله، ثم بيان الإجراءات التي يجب على طالب الرَّد اتّباعها عند رغبته في ردّ المحكَّم، وبيان الإجراءات المتعلّقة بنظر طلب الرّد إلى حين صدور الحكم فيه. وخلُص البحث إلى أنّ أحكام ردِّ المحكَّم في نظام التَّحكيم السُّعودي لا يُمكن تصوّرها إلا بالرّجوع إلى أحكام الشّريعة الإسلامية التي هل أصل كلّ الأنظمة في المملكة، والحاكمة عليها. وظهر أنّ أحكام ردّ المحكَّم ليست من النّظام العام، وتجد أصلها في أحكام الشّاهد في كتاب الشّهادة في الفقه الإسلامي. كما رأى البحث اتّفاق موقف الفقه القانوني مع موقف جمهور فقهاء الشريعة على حفظ المحكَّم عن كل ما يؤثر على حياده أو استقلاله، فلا يجوز التَّحكيم لمن لا تجوز الشّهادة له؛ للتّهمة. وبذلكّ يكون مبنى ردِّ المحكَّم وأساسه هو التُّهَمة.