وصف الكتاب:
«المشّاء».. رواية تتقافز عبر الزمان لتشكل سيرة حية من قلب أسيوط كتب: محمد الكفراوي: تعتبر رواية «المشاء»، الصادرة مؤخرا عن دار الثقافة الجديدة للكاتب الروائى والقاص فراج فتح الله، من الأعمال المميزة والنادرة، لما يتمتع به الكاتب من حس فنى مغاير للمألوف جعله يتنقل عبر الزمان والمكان بسلاسة ومرونة، مستخدما تقنيات سردية مشهورة، مثل الفلاش باك أو الاستدعاء والتداعى الحر أحيانا والوصف المشهدى بمرونة ليسرد مقاطع من حياة بطل العمل الذى ينتقل من الجامعة إلى وفاة أبيه إلى الدخول فى معترك الحياة، وتتقاطع المصائر فى أكثر من نقطة مع زملاء فى الدراسة وأحبة وأهل ربما كان بعضهم يمثل جرحا غائرا فى نفس البطل، إلا أنه استطاع من خلال السرد والتقافز الحر عبر الزمن أن يجعل هناك وحدة موضوعية ثابتة وقصة محكمة، بل وربما قصصا متنوعة تدور داخل الرواية الواحدة. معتبرا الشعر جزءا أصيلا فى التعامل مع المشاهد الحياتية اليومية، وتحديدا الأفكار الثورية، وفى الوقت نفسه يواجه كل معضلة أو مشكلة أو حزن أو هم مفاجئ بالمشى دون هدف لمسافات طويلة وكأنها نوع من التداوى أو التعافى. الرواية تعد تشريحا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا لثلاثة عقود هى التسعينيات والألفية الجديدة وما بعدها، إضافة إلى تهويمات أو إشارات روحية بدائية وانطباعية عن عقد الثمانينيات وما يمثله من مرحلة بدئية فى نضج البطل. المشى هو الحل.. هو الملاذ الآمن.. هو الفسحة الزمنية والروحية التى يدخل خلالها البطل ليخرج شخصا جديدا مختلفا عن السابق. فى كل حدث يحتاج إلى تفكير.. إلى صفاء روحى، إلى إعادة الحسابات وإعادة تقييم الحياة يكون المشى حاضرا لينقذ البطل ويأخذه على جناح الحلم ويتركه ممتلئا بالهدوء والسكينة والطمأنينة. العلاقات الملتبسة بين البطل وأمه، التى تزوجت من عمه بعد وفاة والده، وتبريرها للأمر بأنها فعلت ذلك حتى تبقى قريبة من العائلة وتحفظ حق ابنها، وكذلك علاقته بحياة وكيف بدأت هذه العلاقة بهجوم مباغت من هذه الفتاة الجريئة المخرجة المسرحية على رئيس اللجنة الثقافية بالكلية لتطلب منه أن تنتج لها اللجنة الثقافية عملها المسرحى الأول. علاقة البطل بأصدقائه، وخاصة الشاعر، واستدعاء مشاهد الإبداع داخل الجامعة والمظاهرات التى كانت تلقى فيها الأشعار، وتحول كل ذلك إلى ذكريات بعد توغل الجماعات الإسلامية فى المجتمع الأسيوطى وسيطرتها تقريبا على الجامعة أو السماح لها بحرية الحركة فيها. ويظهر المكان «أسيوط» باعتباره بطلا ثالثا بعد الزمن والبطل الرئيسى، لتؤكد الرواية أنها من الممكن أن تقوم بدور المؤرخ السيسيولوجى، أو تقدم رؤية روحية وعاطفية لفترات تاريخية بعينها من وجهة نظر معاصريها. من أهم التيمات أو الأحداث التى ترصدها الرواية صعود الجماعات الإسلامية فى جامعة أسيوط، وما سببوه من إرباك وتغيير فى المفاهيم وفى العلاقات بين أفراد الجامعة، وتحول هذا الظهور إلى سلطة وسطوة اجتماعية وصلت إلى درجة العنف الرمزى والمادى على السواء، وهو ما يسرده الكاتب فى حادث مقتل قريبة البطل التى كانت تمشى معه بالصدفة أمام مديرية الأمن وسقطت بطلق نارى. تعتبر الرواية بمثابة سجل حى لفترة تاريخية مهمة وملتبسة من تاريخ أسيوط، ومن العمل الطلابى فى الثمانينيات والتسعينيات، وكذلك رؤية هذا الجيل لثورة يناير وما تمثله من تداعيات وتغيرات جذرية فى المجتمع المصرى.