وصف الكتاب:
إن كانت المكتبة العربيّة يتوافر فيها مترجَمًا شيءٌ من آداب الدول النّاطقة بالإنجليزيّة لغةً أولى وبنسب أقلّ جدًّا من آداب الدول النّاطقة بها لغةً ثانيةً أو أجنبيّة، فإنّها تفتقر إلى نصوص اختيرت بحسب ثيمة جامعة من آداب هذه الدوائر الثّلاث. يسعى هذا الكتاب إلى سدّ شيء من هذه الثّغرة، قصصًا قصيرة ترجمها ؟؟؟؟؟ من الإنجليزيّة إلى العربيّة. تتضمّن هذه المدوّنة عوالم من آسيا وأفريقيا وأوروبّا وأمريكا والبحر الكاريبي؛ منها ما يتكلّم لغة واحدة ومنها ما يتكلّم غير لغة. وانطلاقًا من أسطورة بابل، وُضعت القصص في كتابين؛ فقد اتّخذ ؟؟؟ عهد ما قبل بابل المفترض رمزًا للائتلاف، وعهد ما بعد بابل للاختلاف؛ على أنّ تبنّيه للأسطورة يقف عند هذا الحدّ ولا يتجاوزه؛ فإن كانت الأسطورة تنطلق من أنّ الأحاديّة وما يتبعها من تطابق شدّةٌ للشّوكة والتّعدّديّة وما يتبعها من تعارض وهنٌ لها، فإن يفترض أنّ في المدوّنة متعدّدة اللغات والثّقافات عوالم ورؤًى إن خضنا فيها بفوريّتها وآنيّتها، بدفئها وأوارها، بجيشانها وفورانها، اكتشفنا شيئًا ممّا ينشط ذهننا ويشحذ قلبنا، شيئًا ممّا ندرك به بعض ما جهلنا ونستدرك بعض ما فاتنا. شأن المدوّنة المتعدّدة اللغات في ذلك شأن المدوّنة الأحاديّة اللغة؛ فتوزيع القصص على كتابين لا يعدو، في التّحليل الأخير، أن يكون إجرائيًّا؛ إذ لا يسنده إيمان منّي بأنّه كان هناك "قبل" أو "بعد"، فـ"أحاديّة" الكتاب الأوّل مخترقة من جوانب شتّى؛ لذا كان إدراج القصص صعبًا ودقيقًا، وربّما كان في غير مرّة أقرب إلى ذوقي الأدبيّ فردًا منه إلى معيار صارم علمًا؛ ثمّ أنّ ثمّة ثيمة جامعة للكتابين؛ فأنا أنطلق من أنّ الإنسان، سواء أكان أحاديّ اللغة أم متعدّد اللغات، يبقى غريبًا منفيًّا أينما كان وكيفما كان؛ مأتى غربتنا إنسانيّتنا، فنحن نفوس لا تتّسق على منوال ولا تطّرد على حال؛ على أنّنا لا سبيل لنا إلى الاجتماع إلّا إذا تناسق معنانا مع معنى غيرنا؛ وإذا كان هذا كانت الأسماء والمواقع والأدوار، ومن ثمّ كان المسعى إلى تكييف نفوسنا حسب ما أجمع عليه؛ هذه المفارقة البشريّة تنطوي على آثار نفسيّة وأخلاقيّة تكشفها القصص المترجمة، من هنا كانت الدعوة إلى الارتحال عبرها إلى عوالم استنطاق ما بطن وكمن ومساءلة ما ظهر وبان.