وصف الكتاب:
يُمثّل كتاب «مَصارع العُشّاق» حلقةً في سِلسلةِ حَلَقاتِ الكِتاباتِ عن الحُبِّ في الحضارةِ العربيّة الإسلاميّة. فقد جاء تأليفُ السّرّاج لِكِتابِه هذا بعد أن عرفت المَكتبةُ العربيّة حوالي أربعة عشر كتاباً ورسالةً في المَوضوعِ قبله. وجرَى تأليفُ عددٍ مِن الكُتبِ في المَوضوعِ بَعده، تأثّر أغلبها به تأثّراً كبيراً. ذلك أن هذه الحلقةَ تميّزت بِقُوّةِ إشعاعِها. وهذا ما حدا الأستاذ مُحمّد حسن عبد الله أن يقول في كتابِه «الحُبّ في التراثِ العربي»: «لا مُبالغة في القَولِ بأنّ كِتابَ «مَصارع العُشّاق» يُعتبر أكبر وأهم مصدر لأخبارِ وقِصصِ العُشّاق، مهما اختلفت اتّجاهات عِشقِهم، وأثره واضحٌ في كتاباتِ مَن جاءوا بَعده». * نقف بدايةً أمام الاسمِ الذي اختاره جعفر السّرّاج لِكِتابِه. فنجده مُؤَلَّفاً مِن كلمتي «مَصارع» و«العُشّاق». و«المصارع» في لِسانِ العربِ مِن صَرَعَ أي طَرَحَ أرضاً. ويُقال صَرَعَته المنيّة أي مات. و«مَصارع العُشّاق» حيث قُتِلُوا. و«العُشّاق» مِن العِشقِ، وهو فرط المحبّة واللزوم للشيء لا يُفارقه. وقد وَرَدَ في لِسانِ العربِ أنّ «العاشِق سُمّي عاشِقاً لأنّه يذبل مِن شِدّةِ الهَوَى كما تذبل العشقة إذا قُطِعَت، والعشقة شجرةٌ تخضرّ ثم تدقّ وتصفرّ». لقد تحدّث عن هذا الاقترانِ عددٌ مِن الكُتَّاب، منهم عبد الرحمن بدوي الذي كتب عن الارتباطِ بين الحُبِّ والمَوتِ في كِتابِه «المَوت والعبقريّة» فقال: «إن الصلةَ بين الحُبِّ والمَوتِ يُمكن أن تُفسّر تفسيرين: أحدهما تفسير صوفي خالص يقوم على أساسِ فِكرةِ الاتّحادِ بين المُحبِّ والمحبوب، والآخر إنساني خالص يقوم على أساس فكرةِ الصيرورةِ والتطوّرِ الإنساني المستمرّ في الفردِ بالنسبةِ إلى نفسِه أو الفردِ بالنسبةِ إلى النوعِ. والدافع في الحالةِ الأولى هو الوجدُ المكوّنُ للتجربةِ الصوفيّة، وفي الحالة الثانية هو النزوعُ إلى السموِّ المكوّنِ للتجربةِ الإنسانيّة». كما أبرز محمّد حسن عبد الله هذا الارتباطَ في العنوانِ الذي اختاره في دِراستِه وتحليلِه لِكِتابِ «مَصارع العُشّاق» وهو: «السَرَاج والمَوَتُ عِشقاً». وأوضح أنّ «النقطةَ المركزيّة التي حَكَمَت اختيارَ السرّاج هي بلوغُ العاطفةِ مُنتهاها بِالموتِ حُبّاً وما هو في حُكمِ المَوتِ. مِثل الوَجد، والإغماء، والجُنون في حالاتٍ كثيرة».