وصف الكتاب:
أطلق الباحث الأمريكي روبرت جاكسون تسمية «أيقونة وعي الذات» على دوستويفسكي. عندما تقرأ روايات دوستويفسكي تشعر أنه إنسان أدرك أسرار الوجود بهذا القدر من العمق والنفاذ مثلما هي الحال في المعبد وأنت تقف أمام الأيقونة في أثناء الصلاة. ولكن إذا كنت ترى في مواضيع رسوم الأيقونات والوجوه، الواقع المتحوّل بنور العالم، ففي روايات دوستويفسكي تدرك الجوهر الرباني للخلق المطبوع في جسد المظهر الأرضي. «يبدو أن الفكر البشري قد وصل في داخله إلى الحد الأقصى وتراءى في عالم ما بعد الحد الأقصى... ويبدو أن أحداً ما أوقف يد الكاتب العظيم ولم يترك له المجال كي ينهي الرواية الأخيرة مزعجاً إياه بقوة تنبؤية هائلة. وهذا كان أقصى ما هو مسموح به للبشر، أن يقوموا به. بفضل دوستويفسكي تمكّن البشر أن يعرفوا أشياءً كثيرة عن ذواتهم، وما هو الشيء الذي لم يكونوا مستعدين بعد لإدراكه» - هذا ما كتبه فالنتين راسبوتين بعد مئة عام. تثير شخصية دوستويفسكي الاهتمام بهذا القدر من الجبروت مثلما يثيره إبداعه. فالتاريخ الحياتي لهذا الإنسان لا يستوعبه الرأس. وخلال ستين عاماً عانى بقدر ما عانى جنس الدوستويفسكيين خلال خمسمئة عام (من ضمنها القرن العشرون العنيف). يبدو أحيانا أن القدر قد لعب معه في جميع تنويعات السير الذاتية البشرية, المدركة وغير المدركة. خذ أي موضوع لا على التعيين فتراه, على الأرجح وبشكل أو بأخر, موجوداً في حياة دوستويفسكي. وفي يومنا هذا أيضاً يظل دوستويفسكي الشخصية التي «قدّم الرب فيها الألغاز» هنا تتلاقى الشطآن. هنا تتعايش جميع التناقضات... هنا يتصارع الشيطان مع الرب وأما حقل المعركة فهو فؤاد البشر». ﭘـافـل فوكين