وصف الكتاب:
حاول الكاتب من خلاله التطرق إلى عدد من المواضيع المتعلقة بولادة وتأثير جائحة كورونا وعلاقتها بالقيم الأخلاقية , بالإضافة إلى تقديم بعض الإيضاحات العلمية المتعلقة بالفيروس وكيفية انتشاره وعمله في الجسم , وهو كتاب من القطع الصغير ويضم مائة وست وأربعين صفحة , وصدر هذا العام (2020) , عن دار ديوان العرب للنشر والتوزيع . ينطلق هذا الكتاب من مصادرة وإطلاق كلي , مفاده أن العالم بعد فيروس كورونا ليس هو العالم الذي كان قبله , وهنا يشير إلى أنّ هناك تغيرات في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ستطرأ على قاطني المسكونة ومن النقاط المهمة التي أشار إليها د. محجوب في كتابه " ورقات من كورونا " إلى أن فيروس كورونا تم تحويره من قبل الإنسان , رغم أنه لم يقدمْ دفوعات حاسمة حول هذا الطرح , وهو ما طرحه أيضا بعض السياسيين مثل الرئيس دونالد ترمب و ألمح إليه أحد ضباط الاستخبارات الإسرائيلية , وكلاهما حاول إلصاق العمل بالصين , وكأنها تهمة ذات غرض سياسي وليست حقيقة علمية , وهو كذلك ما ذهبت إليه مثلاً الدكتورة نبيلة منيب المغربية المختصة في علم البيولوجيا والفيروسات والحاصلة على دبلوم في علم الغدد الصم من جامعة مونبلييه الفرنسية ,وكذلك ما توصل إليه علماء روس في دراسة علمية أكّدوا فيها أن فيروس كورونا المستجد يحوي في جيناته التركيبة القديمة لفيروس كورونا القديم بالإضافة إلى تركيبة فيروس الايدز ،وهو ما يشير إلى تحويره , ولكن وفي ذات الوقت وبشكل مخالف نرى منظمة الصحة العالمية والاستخبارات الأمريكية تقول إنه من أصل حيواني ؛ بل أكّدت دراسة نشرتها مجلة " نيتشر nature " العلمية، وشارك فيها باحثون من جامعات أدنبرة وكولومبيا وسيدني وتولين، عدم وجود أي دليل على أن الفيروس تم صنعه في مختبر أو تمّ هندسته جينياً، وما ذهب إليه الدكتور محجوب قامت به بالفعل استراليا والصين , اللتان تمكنتا من تخليق الفيروس في أحد مختبراتها بعد انتشار الجائحة , ونشير هنا إلى أن فيروس كورونا لا يمكن اختباره إلا في الخلايا الحية أو البويضات الملقحة , أي أنه لا يمكن اختباره في الوسائط الصناعية , وهذا يعني أن أية تجربة ستكون في خلايا حية وهذا بالطبع ينافي الأخلاق في حالة ثبوت عملية التحوير ,لاحتمال أن تكون هذه التجربة كانت في جسم الإنسان وليس الحيوان . وعندما نعود إلى تتبع بعض الفيروسات السابقة نجد أن هناك أطروحات أشارت إلى تحوير الفيروسات , مثل ما طُرح حول فيروس الايدز بأنه تم تحويره في أمريكا ونشره بعد ذلك في إفريقيا بعد عام 1977 بواسطة حملات التطعيم , وفي ذات الموضوع ألمح د. محجوب إلى أنّ اللقاح موجود مسبقاً قبل انتشار الفيروس توافقاً مع ما طرحه سابقاً ,وهنا استحضر ما كان يقوله الرئيس الأمريكي ترامب قبل أشهر من أن اللقاح سيتم اختراعه في أغسطس 2020 . وينطلق د. محجوب من ثنائية تقاطع المصالح بين الدول المتقدمة المُسْتَعمِرة والدول النامية المُستعمَرة , وسعي الأولى إلى استغلال الثانية وتوظيفها واستخدامها كحقل تجارب , في تعارض واضح مع ما تدعيه من احترام للقيم الإنسانية , وهي نتاج إرث كولياني Colonialism عانت منه الشعوب المستعمَرة , فالحكومات الاستعمارية كما يري د. محجوب لديها معلومات حول جائحة كورونا ولكنها لا ترغب في نشرها توافقاً مع أخلاقها الاستعمارية , فهذه الدول نقلت الموت للهنود الحمر لتحرمهم من وطنهم , فأوربا هي مهد الاستعمار والنازية وخاصة فرنسا وفق رؤية الدكتور محجوب , فهل ما ذهب إليه يعود إلى تبنيه ايدولوجيا سياسية جعلته يؤمن بنظرية المؤامرة , إلى المستوى الذي يجعل الدول المستعمِرة تسعى إلى نشر الوباء في الدول النامية , وهنا لا نستطيع أن ننفي ما قاله د.محجوب بشكل تام , ففرضية المؤامرة تستحق الدرس والتفحّص ولكن في ذات الوقت لا نستطيع أن نؤكدها , فالاستعمار لا يمكنه المساعدة على نشر الفيروس ؛ لأن ذلك سيرتد عليه , كما أن هذه الدول وخاصة المنتصرة في الحرب العالمية الثانية قامت بتبني مشاريع تنموية كبيرة مثل استنهاض ألمانيا الغربية وكوريا الجنوبية واليابان وغيرها ,والرؤية المتآمرة سالفة الذكر تنطلق من فرضية أن الصراع الذي كان فيما سبق في أوروبا بين اللاهوت الديني والسياسي أصبح اليوم بين اللاهوت العلمي والسياسي , وهنا يتضح انتصار وتوظيف الأخير للأول , من خلال استغلال الشعوب الأخرى كحقول تجارب , بالإضافة إلى صناعة الأسلحة الكيميائية وما تقتضيه صناعتها من اختبارات قد تؤدي إلى هلاك البشر . ونظراً لتداعيات جائحة كورونا على العقل الجمعي والفردي للبشر طرح د. محجوب نظرية القطيع الأناني Selfish herd theory لعالم الأحياء التطورية البريطاني ويليام دونالد هاملتون W. D. Hamilton , وكيف تعامل قادة القطيع البشري مع كورونا ,وهل ساهموا في تعقيد الأزمة ؟ , خاصة وأن هولاء القادة كانوا مختلفين في تعاطيهم للازمة , بين من آمن بالمؤامرة وبين من رأى أنها وباء انتقل من الخفافيش , بل إن هذا الاختلاف كان بين الأطباء والمختصين , وساهمت الوسائل الإعلامية في إذكاء هذا الاختلاف , والغريب أن دعوات الالتزام بالتباعد المكاني والتي شارك فيها كثير من قادة القطيع لم تؤتِ أُكلها ,رغم أنها استخدمت استمالات الترهيب من الإصابة , فهل هذا يعني أن أطروحة القطيع الأناني ليست دائمة الحدوث أو أن خطر الموت لم يكن خطراً مقنعاً يجعل كل فردٍ يتنازل عن عقله الفردي في سبيل الانغماس في العقل الجمعي .