وصف الكتاب:
يدخل هذا الكتاب في إطار محاولة استجلاء الفضاء المكاني والزماني في المخيال الصوفي، من خلال الشاعر عمر بن الفارض (ت 632ه)، حيث إنَّ المتتبّع موضوعة الزمن في مستوياتها الدلالية والمعرفية يجد أنها من بين القضايا المسكوت عنها في إطار المخيال الأدبي الصوفي، فحتى المؤلفات والمعاجم المشتغلة على المفردة والمصطلح الصوفي، تذهب مذاهب شتى في مقاربتها لقضية الزمن؛ فلسفيا ودينيا وسلوكيا، ولكنها لا تكاد تقدم تصورا مكتمل الملامح لمفهوم الزمن في الخطاب والعرفان الصوفي، مع إقرارهم بما يشكله من أهمية في البنية التكوينية والوجودية للإنسان عامة والعارف الصوفي بشكل خاص، الأمر الذي يجعل محاولة التنقيب والحفر عن مضامينه المعرفية والفكرية سبيلا - لا مناص منه - لتشكيل عدسة رؤيوية واضحة المعالم، وهذا ما سعى إليه هذا الكتاب في جزئه الأول. أما الجزء الثاني الخاص بالفضاء المكاني الذي أخذ خصوصيته في المخيال الصوفي لا كبقعة جغرافية محدودة بالأبعاد الفيزيقية الضيقة، بل بما أصبح يشكله بوصفه فضاء رمزيا يحيل إلى معاني الاتساع والانطلاق والكمال، بحيث يتجاوز نواميس المكان الطبيعي، لأنه يرجع في تحديد ماهيته وطبيعته إلى الخيال الصوفي الذي من شأنه أن يخرق عادة الأشياء في الوجود.