وصف الكتاب:
أن الحديث عن قضية المرأة من خلال النجاحات التي حققتها في الوصول إلى المراتب العلمية والمناصب السياسية، هو حديث زائف ومسيّس يراد منه تلميع صورة السلطات السياسية وتملقها للمرأة، ولا يعد دليلاً على تحسن أحوال المرأة وازدياد الحقوق التي تنالها. فهذا الحديث يتجاهل غالبية النساء المهمشات والمنسيات والمهملات والمسحوقات، وهن الأغلبية من نساء العرب والمسلمين، وربما العالم. وينظر المؤلف في أبحاث الكتاب، إلى قضية العنف عند المرأة نظرة « دائرية »، أي ليس لها بداية وقد لا تصل إلى نهاية، كون دوائر العنف متداخلة ومنغلقة ومتشابكة مع بعضها البعض، وبالتالي يصعب الحديث عن عنف معين بمعزل عن الأنواع الأخرى. كما يربط الكاتب بين العنف والجسد، ويفسر العنف الهائل الذي تتعرض له أجساد النساء بما يسميه « ثقافة الجسد »، حيث ينظر إلى الجسد نظرة دونية تتهم الجسد بالشر والخطيئة وتعتبره موطناً للدنس. والغريب في الأمر ـ برأيه ـ أن هذه النظرة لم تكن موجودة في العصور السحيقة السابقة. كما يفسر أحمد العنف الذي يمارس على جسد المرأة (الضرب، القتل، التعذيب، العنف الجنسي،...)، بأنه وسيلة لتقييد «دورها الاجتماعي» والحد من شخصيتها داخل العائلة والمجتمع. كما أنه تعبير فج عن النرجسية الذكورية التي تعكس قوة الذكر الجسدية. فالرجل يخاف شخصية المرأة القوية، لذا يلجأ إلى قمعها. هكذا ظهر موروث اجتماعي وديني هائل يرفع من شأن عقوبة المرأة واعتبارها حقاً من حقوق الرجل، وهو الفكر الذي أنتج مقولات واعتبارات ممجوجة خاطئة، مثل: المرأة «كالسجادة تحتاج إلى النفض من حين لآخر»، و«إذا ذهبت إلى المرأة لا تنس أن تأخذ الكرباج». وما يثير استغراب المؤلف هو أن ضرب المرأة مشرع له في جميع الأديان والعقائد،حتى منذ شريعة حمورابي. كما أن قانون أثينا لم يعتبر المرأة كياناً راشداً بل أعطاها حقوق الأطفال نفسها، ولم يكن شيشرون يتحرج من التسليم بأن المرأة «قاصرة عقلياً». ونجد راهنا التسليم بأنه من حق الرجال أن يكونوا قوامين على النساء ويسيطرون عليهن.وهذا كله إن دل على شيء فإنه يدل على أن الأدوار الاجتماعية التي تم تحديدها بشكل مسبق، على شكل مبادئ، مفادها ومرماها في الغالبية العظمى السيطرة على المرأة وحرمانها من حقوقها. ويتوقف أحمد عند قضية يعتبرها رمزية وهي منع المرأة من الولاية. فهذا المنع برأيه، لا يعود إلى الاعتقاد بنقص الكفاءة والقدرة على الإدارة، وإنما يعود إلى الخوف من «تمكين المرأة» من دور جرى الاتفاق المعلن والغير المعلن على منعها منه، خوفاً من حصولها على ما لا يمكن تجريدها منه. ويبرهن المؤلف على صحة ما يقول، بالإشارة إلى أنه عندما يصل الأمر إلى الحديث عن المشاركة السياسية للمرأة، فإن الأصوات التي ترفض هذه المشاركة، سواءً من قبل السلطات أو المثقفين ورجال الدين، تكاد تسيطر على مثل تلك النقاشات بشكل كامل. فـ «الأخذ برأيهن مفسدة» و«خالفوا النساء فإن في خلافهن بركة». وأما وصول النساء العربيات إلى البرلمانات، فإنه مسألة ليست مؤشرا على تغير أحوال المرأة، لأنها غالباً ما تصل إلى هذا المكان عندما ترشح نفسها على قوائم الرجال. ويخلص احمد في أبحاثه إلى الدعوة لمناقشات وحوارات واسعة يشارك فيها الجميع للعمل على تحسين وضع المرأة في مجتمعاتنا. فالحوارات الايجابية والبناءة والعمل على نشر ثقافة الديمقراطية، ونزع «القداسة» عن حقل الفكر، ومنع احتكاره من قبل فئات معينة، هي من الأمور الضرورية التي تساعد على حصول المرأة على حقوقها، وفي رأي المؤلف فإن أكثر شخص يمكن أن يعمل على تحرير المرأة وينجح في ذلك فهو المرأة نفسها. القضية الأساسية التي يتبناها هذا الكتاب، هي المرأة بوصفها ضحية دائمة لكل الحضارات، وعلى رأسها الحضارة العربية، فالمرأة ـ حسب ما يفيد المؤلف ـ عانت من كل أنواع العنف المادي والمعنوي: الاجتماعي والسياسي والديني والثقافي. وقد انعكس هذا العنف كجوهر «للثقافة والذهنية السائدة» في مجتمعاتنا.