وصف الكتاب:
نبذة الناشر: إنَّ النسخ الخطيَّة التي كُتبت قبل القرن الخامس للهجرة عزيزة الوجود، فقد أبادتها عواصف الدهور منذ مئين من السنين ولا سيَّما تلك النسخ بالخطّ المُسمَّى الكوفي، فإنَّ ما يوجد منها في المكاتب والمتاحف هو نبذ من المصحف الشريف فقطـ وإذ ليس لهذه المخطوطات تاريخ كتابتها لزم التخمين في تقدير عتقها، وأعزّ وجوداً تكون نسخ غير دينية بهذا الخط، وأما النسخة التي هي أصل هذا الكتاب فهي مكتوبة أكثرها بالخط الكوفي الجميل، إلَّا أنَّ الناسخ كتب المقطعات الشعريّة بالخط النسخيّ المعتاد، وإن كانت هذه النسخة من نوادر الخط العتيق تكون أيضاً مهمَّة لأنَّها تتضمن كتاباً لا وجود لنسخة ثانية منه فيما أعلم وهو كتاب أخبار النحويِّين للسيرافي، الذي كان الأصل الذي نهل منه المتأخرون وعلّوا ونقلوا عنه إلى كتبهم في تراجم أهل النحو فلم يزيدوا على ما أخبرنا به المؤلف، وقد أخذ منه ابن النديم صاحب كتاب الفهرست وغيره ممَّن جاء بعده لفظاً في كثير من المواضع مع نقصان وزيادة يسيرة من أُصول أخر، ثم تداوله ياقوت الحموي وابن خَلّكان ومن تبعهما في كتبهم. أما مؤلف هذا الكتاب فهو القاضي أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي، وأصله من فارس، مولده بسيراف مدينة على ساحل بحر الفرس، وكانت من أهمّ فرض في قديم الزمان للمراكب البحرية التي كانت تسير إلى الهند والصين. ولد في تلك المدينة سنة 290 تقريباً وبها ابتدأ بطلب العلم، وكان ممَّن أخذ عنهم في سيراف أبو ذكوان وعسل بن ذكوان كما ذكره نفسه في آخر هذا الكتاب، ثم خرج عنها قبل العشرين بعد الثلاثمائة ومضى إلى عُمان وتفقَّه بها، ثم عاد إلى سيراف ولم تطل مدَّته بها حتى مضى إلى عسكر مُكْرَم فأقام بها مدَّة، ولقي هناك محمد بن عمر الصَّيْمري المتكلم وكان يقدّمه ويفضّله على جميع أصحابه. ثم بعد ذلك تنقل إلى بغداد ولكن لم أجد أحداً من المؤرخين ذكر تاريخ وصوله مدينة السلام، ولكن يسبق على الظن أنَّه قد جاوز الخمسين من عمره. وكان حينئذٍ فقيهاً حاذقاً على مذهب العراقيين يعني مذهب أبي حنيفة، وقد لامه أصحابه لما ولي خليفةً للقاضي أبي محمد بن معروف على قضاء الجانب الشرقيّ من مدينة السلام، إذ كان أُستاذاً لأبي محمد المذكور في النحو ثم جمع له الجانبين وبعد مدة كان على قضاء الجانب الشرقي فقط كما كان أولاً، وفي هذه المدة عقد له الفقيه الكرخيّ حلقةً يفتي فيها، قال هلال بن المُحسِّن الصابئ: إنَّ أبا سعيد توفي يوم الاثنين الثاني من رجب سنة 368هـ عن أربع وثمانين سنة. وزاد أبو منصور الأزهري: بين صلاتي الظهر والعصر ودفن في مقابر الخيزران بعد صلاة العصر من هذا اليوم.