وصف الكتاب:
كتب الشاعر زهير أبو شايب عن الكتاب هذه السيرة ليست مجرّد سجل خاصّ لصاحبها، بل هي، في موازاة ذلك، سجلّ عامّ للذات الجمعيّة الفلسطينيّة، الّتي تشبه طيور التمّ في هجراتها الطويلة المضنية وصمتها على الألم وقدرتها العظيمة على التحليق؛ ولذا فإنّ كلّ تلك الآلام، الّتي رصدها د. فهمي جدعان في هذه السيرة، لم تجعل منها سيرةَ (ضحيّةٍ) كما يفترَض، بل حوّلتها إلى أمثولة تراجيديّة يواجه فيها البطل أقداره بعناد، دون أن يكلّ أو ييأس أو يفكّر في النصر أو الهزيمة. وهي سيرة مغايرة، لا لأنّها ترصد (تغريبة) الجسد الفلسطينيّ وبعثرته خارج المكان فقط، بل لأنّها ترصد أيضًا حركة وعي مقاوم لم يتبعثر، ولم يغترب، ولم تنل منه (النكبة)، وهذا ما يجعلها نقيضّا فعليا لمعنى البعثرة الّذي تحفل به النصوص السيريّة الفلسطينية. وأكثر ما شدّني في (طائر التمّ)، بالإضافة إلى لذّتها الأدبيّة، تلك اللغة الجسورة المسنّنة الّتي لا تهادن ولا تراوغ ولا تمرّ على الأشياء مرورًا آمنًا، بل تخمش وتنكأ وتحفر وتخز وتترك علاماتها على كلّ شيء. إنّ أكثر ما يحتاج إليه كاتب السيرة هو تلك الجسارة لّتي تؤهّله لا للنظر إلى الخلف فقط، والتحوّل على إثر ذلك إلى عمودٍ من الملح، بل للتحديق في عتمات الذات والعالم، والاجتراء على الرؤية؛ وتلك إحدى أجمل صفات هذه السيرة. إنّها مساهمة متميّزة في المدوّنة الّتي تجعل فلسطين دائمًا قِبلةً نوستالجيّةً نسعى إليها. زهير أبو شايب