وصف الكتاب:
هل تشكل هذه المقالات بمجملها سياقاً منتظماً أو بحثاً في موضوع؟... هذا السؤال طرحته على نفسي وأنا أجمع مقالات عن فنّانين تشكيليين وسينمائيين ومسرحيين وكتّاب وشعراء عالميين لأضعها في كتاب واحد... لقد كتبت هذه المقالات في أزمنة مختلفة تقارب العشرين عاماً، وفي ثلاثة منافٍ ووطن. وقد كتبت في الغالب بدوافع الاستجابة للعمل في صحف ومجلات عديدة، وفي مناسبات يوبيلية تتعلق بالميلاد أو الموت. وبين المنافي وطوارئها التي لا تسمح بنقل الكتب والمسودات، ولا تسمح قبل ذلك بثبات المكان، أي لا تسمح بتطور الفكر الثابت والتأسيس المنساب، وبين الصحافة التي تسلّط مساحة النشر وضرورات الوقت على التأنّي والتخصّص، سألت نفسي وأنا أجمع هذه المقالات وأعيد تعديلها وتبويبها: ما الذي حكم الاختيار، وما الذي حكم المدخل؟ وفي زمن صعب وجارف تبتر فيه الأحداث سياق الثقافة وتزيحها جانباً أو إلى الخلف، يبدو البحث في أعمال فنّانين وكتَّاب كبار، أبعد من أن يجيب عن الأسئلة المُلحّة التي تطرحها المرحلة. ولكن هؤلاء الفنّانين والكتَّاب واجهوا أصعب الأسئلة التي طرحها قرننا هذا وتركوا بصماتهم عليه وعلى ركائزه الثقافية... فقد واجهوا المشاكل التي طرحها التطور الصناعي الكاسح على المثل الإنسانية. وعاشوا التحديات الفكرية التي طرحتها الثورات الكبرى في عصرنا، ومحنة الإنسان بين حربين عالميتين شهدنا صعود الفاشية والنازية... إذن فقد عاشوا قرننا وأسهموا في ثقافته بعمق. وقد بحثت وأنا أقرأ أعمالهم عن شيء أريده: كيف يمكن أن تؤثر التجربة التي عاشوها على تكوين رؤيتهم وكيف انعكست في أعمالهم، وبالتالي مواقفهم من القضايا التي طرحها عصرنا... إن عوامل معقدة ومتنوعة ومؤثرات لا تحدّ حكمت هذا التعامل بين التجربة والوعي هذه المقالات لا تدّعي الإجابة عليها، إنما تسهم في البحث عنها.