وصف الكتاب:
يحتل يوسف الخال مكانة بارزة في تاريخ الشعر العربي المعاصر... وهو إلى ذلك، شخصية فذة، شاعر، وكاتب، ومفكر، وناشط ثقافي دعا إلى التجاوب مع روح العصر الذي غير نظرة الإنسان إلى الوجود وقادة إلى عالم الحداثة من خلال إعادة النظر في التقاليد والتراث ولأنظمة الإجتماعية والسياسية، لذا ارتبط اسمه بحركة الحداثة التي أطلقها في مجلة شعر عام 1975. آمن بالإنسان وشدد على ضرورة تحرير العقل من نزعته إلى التقليد والحاجة إلى إكتساب نظرة جديدة إلى الوجود والإنسان والفن. آمن بالحرية التي تغنى بها في مطولته والتي جعلها ركناً أساسيّاً في النظام الإجتماعي وفي السياسة والفن، أراد أن تكون مجلة شعر ثورة جذرية؛ روحية وعقلية، لا صراعاً بين الشيوخ والشباب، ومع أعضاء خميس مجلة شعر سعى بجدية إلى نشر مفاهيم الحداثة في الشعر والأدب كان شعره تقليدياً بحثاً في مرحلة ما قبل الغربة، أما بعد العودة إلى لبنان وبتأثير من الآداب الغربية فقد اتسم نتاجه بالأساليب الشعرية الحديثة شكلاً ومضموناً. استعمل الرموز الأسطورية والصور الموحية المستمدة من التراث الإنساني وخاصة من التوراة والإنجيل، ويحتل رمز قيامة المسيح مكاناً بارزاً في شعره ورؤياه الفنية التي وصفها أدونيس بأنها "فاتحة التجربة المسيحية بالمعنى الميتافيزيقي الخالص، في الشعر العربي". لعب دوراً رائداً ومميزاً في طرح مفهوم حديث للشعر يمثل بالتعبير الصادق عن تجربة شخصية يجب التعبير عنها بالتحرر التام من القوالب التقليدية والقواعد الموضوعية، وفي غمرة النشاط الثقافي تجلت صورة يوسف الخال بملامح المغامر الجريء، والملتزم بقناعاته، والمكرس تكريساً رسوليّاً لقضية آمن أنها رسالته في الحياة، كانت نظرته إلى الشاعر ورسالته الثقافية متوغلة في المثالية؛ حتى أنه شبهه بالمسيح الفادي في قصيدة "الشاعر"، حيث قال: "هو ذا الشاعر رمز الحق... في عالم ضلّ عن الحق وتاه... يصلب النفس ليفدى أنفسا... حرغت في شهرة الحسّ الجباه حمل يوسف ورفاقه راية الحداثة وسيبقى، مع مجلته شعر، علاقة فارقة في الثقافة العربية المعاصرة. لقد أدخل إلى الشعر العربي دماً جديداً وأثار قضايا جديدة، ولا بعد أن يقف عنده طويلاً مؤرخو هذه الفترة المضطربة من تاريخ الشعر، ذلك أن دوره التاريخي سيظل هو الأبرز، لأنه جاء حدّاً بين الجديد والقديم ودور التحرر والإنطلاق نحو المستقبل. من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يضم مقابلات عديدة أجريت مع يوسف الخال، تتضمن معلومات هامة، جديرة بأن تكون ملحقاً للكتاب "دفاتر الأيام، أوراق على أوراق" [1987] الذي يضم مختارات من أعماله النثرية، تغطي فترة معينة، أي من 1955 إلى 1978. ويجد القارئ في هذه المقابلات أخباراً خاصته بحياة يوسف الخال ومواقفه الفكرية والثقافية، وتحوله السياسي، ومواجهته للمرض، وأيامه الأخيرة حتى وفاته، إضافة إلى معلومات تاريخية تاريخية حول إنشاء مجلة شعر والأهداف الثقافية والحضارية التي توختها مع إبراز دور يوسف الخال الرائد في وضع رؤية شعرية حديثة مرتبطة بموقف حضاري وتنشئة الشعراء الشباب الذين تعاونوا معه، كما أن هناك معلومات عن الحملات المعادية التي تعرضت لها مجلة شعر، والإتهامات التي وجّهت إلى شعرائها والتي كشف التاريخ بطلانها. كما تتطرق المقابلات أيضاً، إلى مفهوم الحداثة ومضامينها الحضارية مع التركيز على ضرورة تحرير العقل من السلفية والتقليد طريقاً لإنسان حديث، ولشعر وأدب حديثين. وأخيراً يطلّع القارئ من هذه المقابلات على معاناة يوسف الخال لقضية اللغة والمسيرة الطويلة والوعرة التي أفضت إلى تجسيد قناعاته في كتاب "الولادة الثانية" باللغة العربية الحديثة التي دعا إليها كحلّ مقترح لإزدواجية اللغة في الثقافة العربية. هذا ويضم الكتاب ما يزيد عن سبعين مقابلة مع يوسف الخال، أغلبتها بالعربية، وبعضها بالفرنسية، بين مقابلات فردية وجماعية، أجريت معه بين الأعوام 1955، 1987، علماً أن بعضاً منها نشر معه وفاة الشاعر.