الكتابة المسرحية النسائية المعاصرة في مصر (1980-2010)
- سنة النشر: 01 Jan 1970.
- عدد مرات التحميل: 502882 مرّة / مرات.
- تم نشره في: الإثنين , 14 ديسمبر 2015م.
وصف الكتاب:
هذا الكتاب: يبدو لدارس الأدب العربي الحديث أن إسهام الكاتبة العربية في إبداع الأنواع الأدبية الحديثة من رواية وقصة قصيرة ومسرحية يمثل تجربة مستجدة في إطار الإسهام النسوي في إنتاج الثقافة العربية الحديثة. وحين ينظر ذلك الدارس، من منظور المدى التاريخي، إلى إسهام الكاتبة العربية في الرواية والقصة القصيرة أو في مجال المسرحية تبدو له تجربة الكاتبة العربية في إبداع تلك الأنواع تجربةً ما تزال لها حداثتها الزمنية في مجال الكتابة المسرحية، على حين أن التجربة النسائية الموازية لها زمنيا في مجالي الرواية والقصة القصيرة قد أثبتت – لاسيما في العقود الأربعة الأخيرة- اقتدار الكاتبات العربيات على أن يقدمن كتابات سردية منطبعة بطوابع عوالمهن ذوات الخصوصية، فكان أن كشفن بذلك عن تجربة ثرية أضافت، وما تزال تضيف، إلى الإبداع العربي المعاصر في الرواية والقصة القصيرة إضافات تُبين عن أشكال من التطور الفني والتقني والتحول الوجودي تمثل إسهامات ذات تفرد إلى الإبداع العربي المعاصر في هذين النوعين. ولعل حداثة تجربة الكاتبة العربية المعاصرة في مضمار الكتابة المسرحية ظل لها تأثيرها في مضمار النقد المسرحي العربي المعاصر؛ إذ نلحظ قلةً ملحوظة في الدراسات الجادة التي تناولت تلك التجربة بالتحليل والتفسير والتقييم القائم على أسس نقدية متينة. ولعل هذا دافعٌ من أبرز الدوافع التي دفعت د. غادة كمال صاحبة هذه الدراسة إلى إنجاز دراستها تلك لتسهم في تقديم نوع من الدرس النقدي المتزن لظاهرة الكتابة المسرحية النسائية المصرية المعاصرة بوصفها واحدة من ظواهر الإسهام النسوي أو النسائي في حركة الأدب العربي المعاصر. فكان أن عملت مؤلفة هذا الكتاب على إشعار القارئ من عنوان دراستها ومن السطور الأولى فيها بما ينطوي عليه عملُها هذا من مطمح علمي مشروع، وهذا ما تكشف عنه عدة علامات دالة؛ بدءا من العنوان وانتهاء بالنتائج التي توصلت إليها في خاتمة دراستها تلك. فقد حددت الباحثة موضوعها في استكشاف أبعاد ظاهرة الكتابة المسرحية النسائية المعاصرة في مصر على مدار ثلاثة عقود من بداية ثمانينيات القرن العشرين إلى نهاية العقد الأول من هذا القرن؛ فكان أن ركزت دراستها على مرحلة تبلور الكتابة المسرحية النسائية المصرية المعاصرة. وحددت الفرضيةَ الرئيسية التي انطلقت منها في دراستها، وهي فرضية وجود خصوصية للكتابة المسرحية النسائية سواء من حيث الموضوعات المختارة والرؤى المطروحة في تلك النصوص أم من حيث عناصر التشكيل الجمالي من حدث وصراع وشخصيات ولغة حوار. وقبل أن تشرع المؤلفة في التحليل التطبيقي للنصوص التي اصطفتها لدراستها أخذت تحدد بدقة مقومين أساسيين من مقومات هذه الدراسة، وهما: السياق الاجتماعي الذي تبلور فيه إبداع الكاتبة المصرية من بداية النصف الثاني من القرن العشرين حتى نهاية العقد الأول من هذا القرن؛ فعرضت بإيجاز لمسيرة المرأة المصرية في واقعها الاجتماعي لنيل حقوقها في التعليم والعمل والحرية والنشاط الاجتماعي والسياسي مما يتيح – لهذه المرأة- تشكيلَ شخصية تشعر بامتلاكها لتقدير اجتماعي يؤهلها لتحقيق ذاتها. ولعل أهمية هذا المقوم تعود – فيما نرى- إلى أن وضعية المرأة في المجتمع العربي الحديث والمعاصر من أكثر القضايا دلالة على مدى تحقق طبائع التحديث والحداثة في سياقات ذلك المجتمع. وأما المقوم الثاني فيمثُل في التحديد الدقيق لعدد من المصطلحات المتداخلة والمتقاربة في عديد من عناصرها من حيث ارتباطها بالمنتَج الأدبي النسوي، وهي مصطلحات النسوية والأدب النسوي والأدب النسائي وأدب المرأة. وخلصت المؤلفة من مناقشة الآراء المختلفة في هذه المصطلحات إلى صياغة ترى أن النسوية هي (ﻤﻭﻗﻑ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺯﺍﻡ ﻓﻜﺭﻯ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻰ ﺴﻴﺎﺴﻰ ﺜﻘﺎﻓﻰ، ﻴﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺨﻠﺨﻠﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺫكوﺭﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ، ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻷﺒﻭﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻤﻌﺔ ﻟﻠﻤﺭﺃﺓ، ﻭﺘﺤﺭﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻭﺍﻹﻗﺼـاء ﻭﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺵ. ﻭ ﻴﻭﻟﻰ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﺎ كبيرًا ﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻌﻨـﻑ ﺍﻟﺠـﺴﺩﻯ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻭﻴﻌﺘﺩ ﺒﻬﺎ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺇﻨﺴﺎﻨﺎ ﻓﺎﻋﻼ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﻗﺭﺍﺭﺘﻪ ﻭﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﺼﺎﺌﺭﻩ، ﺸـﺄﻨﻬﺎ ﻓﻰ ﺫﻟﻙ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﺭﺠل). وهو فهم يكشف عن بلورة الباحثة رؤيتها الخاصة التي تعد النسوية حركة هادفة إلى تحرير المرأة عبر الكشف عن القوى التي تقمعها وتمنعها من الحصول على حقوقها الاجتماعية والإنسانية، ونقد الأدوار المختلفة التي تقوم بها تلك القوى؛ وذلك لإخراج المرأة من وضعية التهميش إلى وضعية جديدة تتمتع فيها بحقوقها المسلوبة مما يتيح لها إمكانية أن تكون حرة ومسئولة تشعر بوجودها وتسعى إلى تغيير واقعها. وعلى أساس من هذا الفهم جعلت المؤلفة من الكتابة النسوية أو النسائية نوعا من الإبداع الأدبي الذي يستند إلى تلك الرؤية. ولا يخفى على القارئ أن هذا المنظور الذي تتبناه مؤلفة الكتاب يمنح الإبداع الأدبي النسائي أو النسوي دلالات إيجابية عديدة محورها تحقيق حرية المرأة بوصفها كائنا اجتماعيا وذاتا فردية في الآن نفسه. وقامت المؤلفة بتصنيف اتجاهات الكتابة المسرحية النسوية إلى ثلاث اتجاهات، وهي: الاتجاه الاجتماعي والاتجاه التاريخي والاتجاه التجريبي، وحددت المنطلق العام الذي يقوم عليه كلٌّ منها. ثم أخذت المؤلفة عبر خمسة فصول تحلل مجموعةً من النصوص المسرحية التي اختارتها تمثيلات دالة على تلك الاتجاهات، وركزت في الفصول الأربعة الأولى على تحليل عناصر التشكيل الجمالي من حدث وصراع وشخصيات ولغة حوار في تلك المسرحيات، وعملت على تصنيف الأنماط المختلفة التي تشكَّلَ كلُّ عنصر من هذه العناصر في إطارها؛ وذلك في النصوص المختارة في دراستها. ومن ثمة كان تمييزها بين أنماط متنوعة من بنية الحدث وأنماط من بنى الصراع وأنماط من بناء الشخصيات على أساس السمات التي يتسم بها كلُّ نمط والوظائف التي يؤديها في نصوص الكاتبات موضع هذه الدراسة. وجعلت من الفصل الخامس دراسة للموقف الذي شكلته الكاتبات في نصوصهن، فكان أن فرقت بين الموقف الاجتماعي والموقف الوجودي، ثم قامت بتحليل تجليات كل منهما في نصوص دراستها. وخلصت المؤلفة في نهاية دراستها إلى استخلاص مجموعة من النتائج العامة التي تبلور رؤيتها الشمولية لظاهرة الكتابة المسرحية النسائية المصرية المعاصرة، فكان أن ركزت سمات الكتابة المسرحية النسائية في عدة سمات. تمثل – من منظور الباحثة- جماع خصائص الكتابة المسرحية النسائية المصرية المعاصرة. وإذا كانت الباحثة قد استندت عبر دراستها إلى سمة حداثة تجربة الكتابة المسرحية النسائية المصرية، فإنها قد عادت إلى استخدام المقولة ذاتها في خاتمة الخاتمة؛ وذلك حين رأت أن الكتابة المسرحية النسائية – على تنوع اتجاهاتها وموضوعاتها وتشكيلاتها الجمالية – تعد نوعًا من التجريب “الإبداعي” الذي ترتد طبائعه المميِّزة له إلى كون الكاتبة المسرحية المصرية حديثة العهد بتجربة الكتابة في المسرح بوصفه نوعا أدبيا. وتكشف هذه الدراسة عن باحثة متمكنة من أدواتها النقدية المتعددة، وعن كونها تنطلق من موقف فكري تعي صاحبته أبعادَ دورها الاجتماعي والتنويري وتدرك أن الكتابة عن الإبداع النسائي لابد أن تستند إلى وعي جاد بحقيقة إشكاليات المرأة المصرية في سياقاتها الاجتماعية والسياسية سعيا لامتلاك منظور إنساني متجذر في الواقع المحلي. ولقد جاءت تحليلات الباحثة عناصرَ النصوص المسرحية متأنيةً، فكان أن اقتدرت الباحثة على تقديم تحليل عميق لكيفية تشكيل تلك العناصر في النصوص المسرحية النسائية، كما استطاعت أن تربط بدقةٍ بين طرائق هذا التشكيل والمواقف التي صاغتها الكاتبات في نصوصهن المسرحية، فجاء تحليل الباحثة قادرا على حجاج القارئ وإقناعه برؤية الباحثة. إن هذا العمل النقدي عمل كاشفٌ عن ناقدة لها رؤيتها النقدية، ومبينٌ أيضا عن أنها ناقدة تمتلك مجموعة من الأدوات النقدية التي تجيد توظيفها واستخدامها مما يتيح لها الوصول إلى استنتاجات جديدة ومقنعة وقادرة على تقديم إسهام متميز في حقل النقد النسوي العربي المعاصر. إنَّ هذا الكتاب عمل نقدي جاد ومتميز يثير طموحَ القارئ لقراءة إسهامات نقدية جديدة من د. غادة كمال.
