وصف الكتاب:
نبذة المؤلف: فُتح باب كهف. تراجع المسجونون جميعا وتراصوا على الجدران وكل واحد يحاول الاختباء في الآخر. خمسة من الجنود بكروش ومؤخرات ضخمة يتقدمون شاهرين سيوفهم وسادسهم يحمل شعلة متوهجة تبث النار والدخان، يجذبون مسجونين شابين كانا متجاورين. يعودون بالسجينين وكل منهما مزنوق بين حارسين ضخمين يمسكان بساعديه المكبلين بالسلاسل. المصير واضح.. هذه آخر ساعات لهم في هذه الدنيا. هما ابنا الرامبيزي زعيم قبائل الجنوب التي تثور دائماً على السلطان بوهان. المكلفان أساساً بالتعذيب جلادان ضخمان هما توأم متشابه. أما رئيسهما فهو أبوهما عشماوي وكأنه توأم ثالث لهما، لولا كبر السن والسمنة الزائدة. الثلاثة كل منهم عاري الرأس يرتدي سروالا أسود ونصفه العلوي عارٍ ومليء بالشعر الغزير. الأب الشعر الأبيض في بداية الانتشار في شعر رأسه وصدره. أوثقا يدي الأخوين خلف ظهريهما. والصباح بدأ ينير المدينة، موكب الشنق يخترق الطرقات. الحرس السلطاني على الخيول يتقدم وخلفهم حماران وعلى ظهريهما المتهمان ورأساهما ناحية مؤخرة الحمارين إذلالاً! خلف الحمارين عدد من حرس السجن على الأقدام يسيرون يرهبون الناس بالسيوف والبُلط المشهرة وبالقسوة المنحوتة على سحناتهم وبأجسادهم المنفوخة بالشحم واللحم. الناس متجهون لجلب رزقهم بالعمل الشاق، وقفوا رجالا ونساء وأطفالاً على الجانبين يتابعون مسيرة الإعدام في حسرة، فهذا هو مصير من يثور على السلطان بوهان أو ينطق بحرف معترضا على دوام الذل والهوان. ميدان المشنقة المُترب. تنتصب المشنقة الخشبية الضخمة. التوأم الغليظ ولدا عشماوي صعدا إلى طبلية الشنق ساحبين السجينين. يظن الرائي أن الأخوين السجينين وهما في الحقيقة لم يتخطيا الثامنة عشرة! حشرت أعناقهما داخل أنشوطه الشنق. الشيخ المشهور بالأزعر بملابسه الدينية وقف بجانب المتهمين وبصوته الجهير يسمي باسم الله ويصلي ويسلم على الرسول، ثم يعلن أن هذين المتهمين لم يطيعا الله ورسوله وأولو الأمر الذي أمر القرآن بطاعتهم، لذا حق عليهما العقاب. الأخوان الجلادان دفعا الأخوين السجينين ليسقطا في الهاوية معلقين بالحبلين الغليظين، يتلويان دقائق ثم يهمدان جثتين بائستين. ضوء النهار بان والحزن على أهالي المدينة ران وهم يراقبون هوان كل يوم. حزنهم وهمهم تضاعف طبقات من النكد وتوقع الشر، فلن تسكت قبائل الجنوب ولن يصمت زعيمهم رامبيزي على مقتل ابنيه. وتشاء الصدف العجيبة أن يحدث في نفس النهار حادثة غريبة. انفجر مخزن من مخازن البارود الواقعة في قلب غابة نخيل على أطراف مدينة البلور. الانفجار من عنفه أطلق سحابة داكنة من اتساعها غطت مدينة البلّور كلها وتمددت لما بعدها. ركب الرعب ناس مدينة البلّور وقالوا هذا نذير شؤم، هذا غضب من الله بسبب شنق الأخوين البريئين.