وصف الكتاب:
كانت الحضارة المصرية في العصر الروماني مزيجا من التراكم والاختلاط الجزئي لثلاث ثقافات هي: الحضارة المصرية حضارة السكان الأصليين، والحضارتان اليونانية والرومانية وهما حضارة الغزاة . وإذا كانت الحضارة الرومانية قد صبغت السياسة والإدارة بصبغتها الأساسية لدرجة أنها غطت جميع جوانب المجتمع، فإنها لم تأثر سوى بشكل ظاهري على الحضارة المحلية. واختلطت في المقابل الحضارتان اليونانية والمصرية بدرجة قليلة جدا ، في العلوم والدين والسياسة بصفة عامة، بدرجة يصعب معها تحديد نسبة مساهمة كل منها . ومن الجدير بالذكر أن مهنة الطب في مصر القديمة كانت قد وصلت مستويات قياسية من التقدم . ففي بداية الألفية الثالثة قبل الميلاد احترفها بعض ملوك الفراعنة بكل سعادة وفقا لمقولة مانيتون Manethon . واشتهر الطب والأطباء في حوض النيل بالتقدم منذ وقت مبكر حتى قبل إيبوقراطيس Hippocreate والتطور الكبير الذى أثاره الطب اليوناني. وقد أشار هيرودوت إلى تلك التخصصات (إذْ يعالج كل مرضًا واحدًا فقط وامتلأت البلد بالأطباء ، فالبعض منهم يمارسون طب العيون والآخر يعالج الرأس والأسنان ، والبطن وكذلك الأمراض المجهولة. وقد تم تقسيم الأطباء إلى أخصائيين وممارسين عموم وفقًا لنظام خاص كشفته النصوص ويتعلق هذا النظام بوظائف يحتل فيها الأطباء ذوى المستوى الاجتماعى الخاص المكانة الأولى . ومع ذلك ففي بلد الألف إله، نجد أنه مهما كان الطب متخصصا ومشهور جدا ، فإنه قد تمت صبغته بالدين والسحر اللذان أثار بصورة كبيرة في الفكر المصري واكتشفنا ذلك من خلال بردية الجراحة إدوين سميث Edwin Smith والتي انزلقت بهذا الفكر إلى المحظورات الدينية وإلى الخرافات ، وعرقلت انطلاق كل تفكير ناقد، إذا قارنا ذلك بتقدم التفكير باليونان الذي تأثر بمؤلفات فلاسفة الطبيعة ) ويبدو أن الطب المصرى لم يتقدم بصورة ملحوظة منذ الدولة الحديثة وحتى وصول اليونانيين. هذه الدراسة المدهشة تقدم عرضًا فى التاريخ العلمى والاجتماعى فى مصر حتى العصر الرومانى وهى دراسة بالغة القيمة عظيمة الفائدة.