وصف الكتاب:
أصل الكتاب شرحٌ لمقالةٍ منظومةٍ توجّه بها إليه ابن رزيق، قال الخروصي: “وإني قد سُئلتُ بهذه المسألة المنظومة في هذه المنظومة، والسائل الشيخ العارف الفصيح اللغوي المنطقي البديع النحوي ذي العقل النوراني والرأي الصحيح المفحم بشدّة بلاغته وقوّة فصاحته وكثرة براعته كثيرًا من الفصحاء أهل الشعر والنظم والنثر أهل النهى والقول المليح الناطق بالحقّ النابغ المنطيق حميد بن محمد بن رزيق بعد ما ذكر رغبته في عالمٍ يشرح له مقالته، ووصفه بأن سكون في العلم كما أول نظمه عرفه، فلمّا تعذّر عليه وجود مثله رجع به إليّ، وألقاه لديّ، فجعل واجب جوابه عليّ، فكان كمن تيمّم الصعيد لأداء فرض الصلاة حين أعدمه وجود الماء العذب ووجود ماء اليمّ، وصوّر سؤاله سؤال مسترشدٍ في ظالمٍ ومظلومٍ بظلمٍ فيما يلزم المظلوم فيمن ظلمه، والظالم فيما ظلم، وما يلزم العالم بهما لله في الإخلاص والخلاص من الظلم والإثم، وباطن نظمه هو سيرةٌ قد ميّز فيها الحقّ من الباطل، والمحقّ من المبطل الأحمق، الممزق بما علمه فيها من الحكم تنبيهًا لمن طلب الهداية، وكان غافلًا، واسترشادًا له ولإخوانه فيما يتناهى إليهم في ذلك من الخير والعلم، فلم أجد لنفسي محيصًا عن لزومه، والشرح لإيضاح الصواب بالإطناب في هذا الكتاب لما هو واجبٌ عليّ من إرشاد المسترشدين، وهداية من شاء الإرشاد، وحماية من أقدر على حمايتهم من أهل الرشاد من ظلم أهل الظلم والفساد الصمّ العمْي البكم، ولا عذر لي ولا أحدٍ من الخلق المتعبّدين إلا بموافقة الحقّ وأداء ما لزم من الحقّ”، وقال أيضًا: “وسنشرح نبذةً ممّا سأل عنه الناظم وممّا يدلّ عليه نظمه من هذين المقامين (مقام الإخلاص ومقام الخلاص) ممّا يلزم فيه الثبات بالإخلاص بنور العلم وممّا يلزم منه الخلاص من الظلم، وما أحرى الكتاب بتسميته بهذا الاسم لمطابقة معناه مسمّاه ممّا نوضحه من بيانهما في الرقم”. جعل المؤلِّف كتابه في ثمانية أبواب، فالباب الأوّل: في العلم وأقسامه وعلماء الله أهل التقوى، والثاني: في تخليص النفس من دواعي الهوى والجهل والإثم، والثالث: في آفات العلماء والأسباب الداعية إلى الإثم وعلماء السوء والظلم، والرابع: فيما يجوز من الفعل في الجبابرة الباغين بالظلم، والخامس: فيما يجوز للمرء فعله في الباغين عليه بالظلم، والسادس: فيما يلزم فيه الغرم والجزاء بغير إثم، وما يلزم فيه القصاص أو القود أو الغرم من الظلم، والسابع: فيما يلزم من أمر الولاية، والوقوف، وما يلزم من البراءة من أهل الظلم، والثامن: في الخاتمة والتنبيه على بعض ما تضمّنه نظم ابن رزيق من وجوه البديع. ويبدو أنّ المؤلِّف لم يكمل تأليف كتابه، فهو يقول آخر الكتاب: “قال مصنّف هذا الكتاب، وهو الشيخ العالم ناصر ابن الشيخ العالم الرباني أبي نبهان: أمّا الكتاب بنفسه لم يتمّ؛ لأنّ تمام تفصيل العلوم إلى أن تأتي السيرة العبّاديّة لنصف هناك قدر ثمانية كراريس، وفي أخبار الخوارج نأتيه ما أتوه أهل المغرب من كتاب الجواهر، ونأتي في فصل الاستشهاد بعد السيرة العبّاديّة نقلًا، ونأتي من وجوهٍ بعدها مقدار ثلاثة كراريس، ونأتي بعد أحكام الفتنة التي في الشيخ وأولاده في الضمانات مقدار خمسة كراريس، ونأتي في فصل الولاية والبراءة ما يلزم البعيد النائي كما سأل عنه الناظم قدر أربعة كراريس، وغير ذلك من الزيادات، وإنّما ننسخ منه ما يبدو لنا منه من ذلك”.