وصف الكتاب:
تلعب دور البطولة في رواية (ظلال جسد، ضفاف الرغبة)* لسعد محمد رحيم شخصية نسائية هي (رواء العطار) وتحمل كل أدوات الإغراء و الخداع. و من ذلك الكذب و التلفيق و التمثيل و اللعب بالجسد كأحبولة أخيرة. ولكن بوسعي أن أقول: إن رواء العطار ليست شخصية جديدة في عالم رحيم. وهي وريثة كل الشخصيات الحائرة السابقة، التي تراوغ عالمها، ولا تستطيع أن تدرك حقيقة ولا جوهر وجودها الفردي داخل المجتمع. إن كل شخصيات سعد رحيم مجبولة من نفس المادة وتضغط بنفس الاتجاه. فهي تكاد لا تعرف نفسها، فكيف ستعرف غيرها؟. ولا تجد أي فرق بين الكابوس وواقع الهزيمة العسكرية والسقوط النفسي. فبطل قصة (الهرب من السراديب) لا يعرف هل ما يرى رشاش أم هراوة أم أنه شيء وهمي غير موجود؟. وبالاستطراد كل أبطال مجموعة (تحريض) متورطون بعالم قوامه الوهم. فهم تقنياً مجرمون، لا يتورعون عن ارتكاب الفواحش والقتل العمد. لكن لا يمكن أن تفهم هل الهدف هو الانتحار أم إطلاق النار على أطياف وخيالات. لأن كل الشخصيات إفتراضية إذا ابتعدت عن "أنا" المتكلم، وهو بطل القصة وكاتبها في وقت واحد. وهذا يساوي بينهم (نفسياً) وبين رواء العطار (مادياً). لكن الطرف الأول وهمي والثاني تمثيلي. بتعبير آخرهما تجريد وإسقاط. ويترافق ذلك مع تجزيء لهيكل الحكاية الأساسي. فهو لا يتطور بشكل متسلسل ولكن تتخلله فراغات. كما أن بعض الوحدات السردية تتكرر. فيعود الحدث بصيغته دونما إضافة، وتتكرر بعض الجمل والعبارات. للتأكيد؟. ربما. لكنه تكرار هوسي وسريري. ويتحكم به النسيان قصير الأجل أو الشك بالغاية المرجوة. ولطالما كان التكرار نوعاً من التعبير القهري في تصوير الرغبة وفرض عودتها إنما بشكل غير عضوي ولا متماسك1. وهو تعبير ذاتي عن موضوعات أساسية مثل الخوف من الفشل، فالإنسان لا يكرر إلا الأحداث المؤسفة أو الصعبة التي تمر به 2. مع ذلك تنفرد رواية (ظلال جسد) عن كل ما سواها أنها تستعيد دورة حياة بطلتها الوهمية (رواء)، ولا تسعى لتكرار مفردات أو مفاهيم. فأعمال سعد رحيم تحتلها صيغ تعود دائما، سواء على مستوى المفردات والمعاني والأفكار. ناهيك عن التكرار المعكوس (نفي السابق بنقيضه). إنما في هذه الرواية تأخذ دورة الحياة شكلاً لا متناهيا. فالرواية تدور حول محورها لترسم عدة دوائر متطابقة دون نهاية. حتى أن ارتكاب المحظور ينقصه الابتكار. فالجرائم متشابهة، وأداة الجريمة غرفة النوم وجسد المرأة. تندرج هذه المحطة من حياة سعد رحيم ضمن مشروع الواقعية الجديدة. حيث أن الرأس واقعي والقلب حديث. فهي تهتم بتبسيط مجريات ووقائع الأحداث، وتقريب الشخصيات من حياتنا اليومية، والابتعاد ما أمكن عن التلاعب باللغة. ولكن شمس الحقيقة لا يمكن أن تتطور بسهولة. فإدراكنا لدقائق الأمور في واقع متدهور تحكمه الوسائط المتعددة للمعرفة. وعلى هذا الأساس كان الأسلوب ميسراً وفي نفس الوقت يتألف من ألغاز غامضة. وكانت وظيفة التكرار هي في حل غموض الألغاز المستعصية. وطبعاً ليس بدافع الفضول، أو حباً بالمعرفة ولكن خوفاً من المجهول. وهذا هو تفسير فرويد لوظيفة التكرار، إنه يدرأ المؤجل بتسريعه ولو في مجال المساحة النفسية والتوقعات.