وصف الكتاب:
"عندما أكتب أبتعد عن الخارج وأغرق في ذاتي؛ أعماقي، دواخلي، هواجسي، وخيالاتي. أغرق في عالم حلمي لذيذ.. من يشاطرني هذا الحلم هو الأقدر على الاستمتاع بما أكتب. كل منا لديه قواسم مشتركة مع الآخرين في بقاع الأرض. يمكن القول إن كل ذات هي عبارة عن مخزن فيه الكثير من الأغراض، والتي ليس بالضرورة أن تخص هذه الذات وحدها، فقد نجد غرضاً يخصّ هذا، وآخر يخصّ ذاك، وثالثاً لا نعرف لماذا هو موجود هنا" .. بهذه الكلمات بدأت الروائية الأردنية هيا صالح مداخلتها في ندوة إطلاق روايتها "لون آخر للغروب"، الفائزة بجائزة كتارا للرواية العربية، وذلك في مؤسسة عبد الحميد شومان بالعاصمة الأردنية عمّان، وأدارها الكاتب والإعلامي حسين نشوان. وقالت: أتلقى ردود القراء على رواية "لون آخر للغروب" فيدهشني تكرارُ عبارات على غرار: "لقد شعرت أنّ هذه الشخصية أو تلك تشبهني"، و"لقد اختبرت مثل هذا الموقفِ أو عشتُه سابقاً"، أو "كأنك تتحدثينَ عني".. وهي فرصة هنا لأُطلعكم على سرّ؛ أنا أيضاً وجدتُ بعد صدور الرواية أن هناك شخصيات تغادر صفحاتها وتتّخذ مكانها في الواقع، بل وثمة أحداث كنت سطرتها في النص أولاً وانتهت علاقتي بها، ثم وإذ بي أعيشها بصورة أو بأخرى بعد أن تحول الكتاب إلى كائن تتناقله أيدي القراء ويتخذ موضعَه في المعارض.. هل تتلاعب أوراقنا بنا؟ هل تبلغ غرائبية الحياة حدّ أن تتلاشى المسافة بين ما نكتبه وما نعيشه؟ هل هي عين الرائي؟ لأعترف أنني لا أمتلكُ الإجابة ولا اليقين! وأضافت صالح: الغرائبية تدهشني، وأنجذب بسرعة إلى عوالم كافكا وهاروكي موراكامي وسواهما من رواد السرد الغرائبي.. وأرى أن الرواية الغرائبية هي الأقدر على فهم العالم الواقعي من خلال تفكيكه وإعادة بنائه، وهذا ما يستلزم تفكيك النظام الروائي بمجمله هو الآخر. أتوقُ في نصّي إلى ارتياد مساحة غير مألوفة ودفع المتلقي إلى التوقف والتأمل واللهاث من دون أن يتحرك، مشددة: أنظر إلى الكتابة بوصفها عالماً يكتمل بأضلاعه الثلاثة المشتبكة؛ الكاتب والمتن والمتلقي. لذا استهللت الرواية بقولي: "أيها القارئ.. أنا مثلك، لا أعرف أين ينتهي الدرب، ولا المكان الذي تقودني الأحداث إليه!". وكان الكاتب والإعلامي حسين نشوان، أشار إلى أنها "تدخل في مسام المجتمعات العربية على امتدادها كاملة، وفي تفاصيلها أيضاً، فهي رواية تحفر في المجتمع العربي القلق، بحيث تتناول التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية فهي رواية داخل رواية".