وصف الكتاب:
صدر عن سلسلة "ترجمان" في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات كتاب في النظرية: طبقات، أمم، آداب، وهو ترجمة ثائر ديب لكتاب إعجاز أحمد In Theory. يمثّل النقد محور هذا الكتاب: نقد العالم في بنيته الراهنة وفي تاريخه القريب، ونقد النظرية الثقافية والأدبية كما تطورت خلال العقود الأخيرة مع ما بعد البنيوية والنظرية ما بعد الاستعمارية، ونقد الفكر القومي، ونقد مقولتَي "العالم الثالث" و"أدب العالم الثالث" ونظرية "العوالم الثلاثة"، ونقد إدوارد سعيد في تجاذباته الوجدانية كما تجلّت في كتابه الاستشراق وفي سواه، ونقد ما أشاعه سعيد ومدرسة دراسات التابع وكتّاب، مثل سلمان رشدي، من إعلاءٍ لشأن المثقف المنفيّ والمهاجِر والهجين على حساب الثقافة الوطنية وأبنائها الذين يعيشون ويقاومون فيها، ونقد الطريقة التي تُبنى بها المُعْتَمَدات الأدبيّة المكرَّسة، ونقد النقّاد الذين اتهموا ماركس بالمركزية الأوروبية والاستشراق بناءً على كتاباته الصحفية عن الهند. يتألف هذا الكتاب (463 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من مَدْخِل بعنوان "الأدب بين علامات زمننا"، يضم عرضًا مجملًا للجدل الأساسي بين الإمبريالية وتصفية الاستعمار والنضال من أجل الاشتراكية، والذي يشكّل وحدة العالم المتناقضة، ومن ثمانية فصول. مفاهيم، ألسن، عبرات في الفصل الأول، "النظرية الأدبيّة و’أدب العالم الثالث‘: بعضُ السِّياقات"، يرسم أحمد الخطوط العريضة للشروط، الفكرية والسياسية، التي تطورت في ظلّها النظرية الأدبية في الأكاديميا الأنكلو-أميركية، وشكّلتْ، على نحوٍ حاسم، حتى المصطلحات التي طُرِحَت بها تلك القضايا الأساسية. واهتمام المؤلف منصبٌّ هنا على فترة ما بعد الحرب، ولا سيّما التطورات منذ ستينيات القرن العشرين، على الرغم من أنه يبدأ بخلفية أسبق بعض الشيء. أمّا بنية النقاش المطروح هنا فتحددها كثيرًا حقيقة أنّ مادة الكتاب سبق عرضها في محاضرات حلقة بحثية تناولت الوضع الأكاديمي الهندي، الأمر الذي ترك أثره في بنية الاستشهادات وزخم السجال ذاته. يمثّل الفصل الثاني، "لغاتُ الطبقة، أيديولوجيات الهجرة"، توسعة للنقاش في الفصل السابق لتكوين الاتجاهات الراديكالية الأدبية الأنكلو–أميركية، حيث يقدّم المؤلف نقدًا للاتجاهات المناهضة للمُعْتَمَد المُكَرَّس في الأكاديميا الأدبية، سواء من حيث شروط الإنتاج الأدبي الذي أدّى في البداية إلى نشوء نظرة عالمثالثية، أم من حيث المرتكزات الاجتماعية التي ترتكز عليها تلك الأقسام ذات الصلة من الإنتلجنسيا الأدبية التي تدفع باتجاه تلك الأنواع من مناهضة المُعْتَمَد المُكَرَّس. الفصل الثالث، "بلاغةُ الآخريّةِ لدى جيمسن و’الأمثولةُ القوميّة‘"، هو في الحقيقة مقالة نشرها أحمد قبل سنوات عن تصور جيمسن للأمثولة القومية، باعتبارها الشكل الحاسم بين أشكال الإنتاج الثقافي في العالم الثالث. وهي، بحسب أحمد، تتخذ هيئة اشتباك تفصيليّ مع ما اعتبره البيان الممثِّل والأشدّ إتقانًا من الناحية النظرية للموقف الذي يصدر عن تلك الشبكة الواسعة من الاتجاهات الراديكالية الأدبية التي تفحّصها في الفصلين السابقين. عار تمثيل النساء ووقار الاستشراق في الفصل الرابع، "رواية ’العار‘ لسلمان رشدي: الهجرة ما بعد الحديثة وتمثيل النساء"، يبحث أحمد في تمثيل النساء وقضية هجرة الطبقة العليا ما بعد الحديثة في رواية العار لسلمان رشدي، كنوع من الجسر بين كثير من القضايا المتمايزة تمامًا والتي يتناولها بطرائق مختلفة. فهناك تفضيلُ الاتجاهات المناهضة للمُعتمَد المُكَرَّس، التي برزت أخيرًا في الأكاديميا الأنكلو-أميركية، أنواعًا معينة من النصوص وأشكالًا معينة من الاستنطاق والقراءة: خصوصًا قضايا الأمّة والدولة وما بعد الاستعمار والعالم الثالث. يقول المؤلف: "إذا ما غيّرنا الأسئلة على نحو جوهري، ولم نطرح قضية الأمة وما بعد الاستعمار إلا على نحو ثانويّ وتابع، وقدّمنا، بدلًا منها، قضية الجندر والطبقة واللحظة الرأسمالية الراهنة، ما مدى المعارضة التي تنطوي عليها مثل هذه الأنواع من النصوص التي تحتفي بها الاتجاهات المناهضة للمُعْتَمَد المُكَرَّس في الأكاديميا؟" في الفصل الخامس، "’الاستشراق‘ وما بعده: التجاذب الوجدانيّ والموقع المتروبوليّ في أعمال إدوارد سعيد"، يؤكد أحمد أن أعمال إدوارد سعيد تبقى الأشدّ وقارًا والأشدّ نفوذًا، لكنها قد تكون الأشدّ تجاذبًا وجدانيًا أيضًا والأشدّ تناقضًا داخليًا. وبحسبه، كتاب الاستشراق هو السردية الأكبر بين جميع سرديات الصلة بين المعرفة الغربية والقوة الغربية من حيث ضروب الاستمرارية الحضارية والكيانيّة التي يزعم سعيد أنّه يجدها في الاستشراق الغربي، إذ يقدّم سرديةً أكبر من أيّ شيء استطاعت الماركسية أن تحشده لنمطٍ من الإنتاج، وهو، وثيقة من وثائق القومية الثقافية العالمثالثية لا هوادة فيها. ماركس والهند... وأدبها يمثل الفصل السادس، "ماركس والهند: توضيح"، مناقشة موجزة سبّبها هجوم إدوارد سعيد على ماركس في كتابه الاستشراق، مركّزًا على قضية الهند على وجه التحديد. فرفض الماركسية على نحو انفعالي من دون أيّ انكباب مفصّل على فكر ماركس بات، بحسبه، سمة شائعة تميّز ما بعد البنيوية الفرنسية وأفكار الجناح اليميني الصريح الذي نشأ في أعقابها. وبات من المعتاد أن يقع المرء على منظومة من ضروب الاستشهاد والاستحضار المتبادل لميشيل فوكو و/ أو إدوارد سعيد تُصوّر ماركس استشراقيًا متحمسًا للاستعمار، استنادًا إلى ملاحظات صحفية عن الهند. ويؤكد أحمد أنه لم يناقش في هذا الفصل نصًّا معيّنًا من نصوص النظرية الأدبية، بل ناقش ضربًا من الفهم الشائع، يتّسم به قَدرٌ كبير من النظرية المعاصرة. في الفصل السابع، "’الأدب الهندي‘: ملاحظات باتجاه تعريف مقولة"، بعد أن رأى أحمد أن أدب العالم الثالث مقولة مستحيلة سياسيًا ومعرفيًا، لم يرغب في أن يُفْهَم على أنه يعني أن البديل الوحيد هو الأدب القومي، "بل عَنيتُ – وأعني - أنّ الأجندات البحثية الأكثر إلحاحًا بالنسبة إلى نقّاد الأدب ومنظّريه لا يمكن أن تنشأ إلا من الظروف التي يعيشونها حقًّا". بحسبه، البلدان المتروبولية تراكم منتجات ثقافية من جميع أنحاء العالم؛ إذ يمكن أن ينجم عن عمليات التراكم هذه ما يُسمّى الأدب العالمي. أمّا التشكيلات الخاضعة للإمبريالية، مثل الهند، فلا يحصل فيها مثل هذا التراكم، ولا يوجد الأدب العالمي في مثل هذا الوضع إلا بوصفه تجريدًا، أو مطمحًا من مطامح النزعة الكونيّة في أحسن الأحوال. الجدال انتهى الفصل الثامن، "نظرية العوالم الثلاثة: نهاية جدال"، يوجز أحمد الوضعَ السياسي العام الآسيوي والأفريقي الذي نشأ فيه مصطلح "العالم الثالث" أوّل مرة، وانطوى على معنى مختلف تمامًا عن المعنى الذي اكتسبه في وقت لاحق، موضحًا ثلاثة ضروب مختلفة من إِحكام معاني هذا المصطلح (إحكام نهرو، والإحكام السوفياتي، والإحكام الصيني) أعطته قوته العاطفية وغموضه الزائد، "فبات بمقدور من يستخدمه أن يطمح إلى تحميله المعاني الثلاثة كلّها من دون أن يكون مسؤولًا عن أيّ منها، ما أدّى إلى مضاعفة ما فيه من التباس وتوسيعه بشدّة في الاستخدامات اللاحقة. والواقعة الرئيسة في شأن التاريخ ما بعد الاستعماري لما يسمى العالم الثالث هو أنّ كلّ دولة قوميّة وقعت تحت سيطرة برجوازية قومية مميزة حين خرجت من البوتقة الاستعمارية واتّخذت موقعًا معيّنًا في التقسيم الدولي للعمل على نحو ما نظّمته الإمبريالية، حيث اتّسمت المرحلة بتمايز متزايد بين الدول بلغ حدّ التنافس ولم تتّسم بوحدة أكبر. وتمكن رؤية عواقب هذا الافتقار البنيوي إلى أيّ نوع من المشروع الموحَّد، وتَصَدُّر التنافس المتبادل في مجموعة واسعة من تطورات هذه المرحلة".