وصف الكتاب:
صدر عن سلسلة "ترجمان" في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب البراغماتيون الأميركيون، وهو ترجمة جمال شرف لكتاب شيريل ميساك The American Pragmatists، ويحتوي على مسردٍ لأهم الفلاسفة البراغماتيين منذ سبعينيات القرن السابع عشر وإنشاء النادي الميتافيزيقي حتى أوائل القرن العشرين. في هذا الكتاب، سعت ميساك إلى تحليل أطروحات هؤلاء المفكّرين واقتفاء مسار تاريخ الفكر البراغماتي. فحدّدت خطّين سائدَيْن ضمن هذا التقليد الفكري: يبدأ الأول مع تشالرز ساندرز بيرس وتشاونسي رايت، ويستمر مع كلارنس إرفينغ لويس وويلارد فان أورمان كواين وويلفريد سيلرز. في حين ينطلق الخط الثاني مع وليام جيمس، ويتواصل حتى جون ديوي وريتشارد رورتي. تحدّد هذه السرديّة الجديدة الطموحة الصلات بين البراغماتية الأميركية التقليدية والفلسفة الأنكلو - أميركية في القرن العشرين، وتربط البراغماتية بالمواقف الرئيسة في التاريخ الحديث للفلسفة، مثل الإمبريقية المنطقية. وترى ميساك أنه يجب النظر إلى الصيغة البراغماتية الأكثر إقناعًا لاستعادتها بصفتها جزءًا مهمًا من التقليد التحليلي. في الفكر الأميركي المبكر يتألف الكتاب (512 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من خمسة عشر فصلًا في ثلاثة أقسام. في القسم الأول، "مؤسسو البراغماتية"، خمسة فصول. في الفصل الأول، "الموضوعات البراغماتية في الفكر الأميركي المُبَكّر"، تنطلق ميساك من أن المثالية في الفكر الأميركي المُبَكّر تظهّرت في أربعة موضوعات مستمدة: الأول، الروح هو القوة الأولية والموحِّدة في العالم؛ الثاني، يوجد عالم مثالي ثابت وراء أو فوق عالم الخبرة؛ الثالث، ما ندركه هو أفكار بحق والأفكار توجد في العقل فحسب؛ والرابع، إن حدود المعرفة البشرية هي أن ما يستطيع الإنسان معرفته يتحدد بما يدركه؛ لا يمكنه معرفة ما قد يقوم وراء إدراكه. أما في الفصل الثاني، "تشاونسي رايت (1830–1875)"، فتقول ميساك إن مصطلح الميتافيزيقا كان يعني ضربًا من الميتافيزيقا المُشرَبة بالدين في زمن رايت: من ذاك الصنف الذي يتكلم على اللانهائي وعلى المطلق. يبدو أنه لم يكن آنذاك حيز لمثل هذا الكلام في إطار وجهة نظر العالم العلمي الجديد. فتفسير داروين للعالم الطبيعي لا يُحيل إلى إرادة إلهية ويظهر في تناقض صريح مع قصة الخلق في الكتاب المقدس. والحقيقة أن التجريبية تبدو بصورة شديدة العمومية إلغاءً للميتافيزيقا، فضلًا عن ميتافيزيقا تستحضر الله. فالتجريبية، بعبارة رايت، لا تفسح في المجال أمام قوى غامضة غير معروفة، قوى معروفة لشكل أعلى من الحدس عبر ملكة العقل والسر. فأنواع الظواهر هذه غير قابلة للتحقق منها. ولا يمكن أن تكون مواضيع للدراسة العلمية. وإلى هذه الفكرة التجريبية المعروفة المناهضة للميتافيزيقا يضيف رايت فكرة أخرى: الميتافيزيقا تعوق البحث. إنها تعزز الولاء والطاعة، وهما موقفان يمكنهما فحسب أن يقيِّدا العلم. فالعلم لا يهاب المجهول. بيرس وجيمس ورفاق أخر في الفصل الثالث، "تشارلز ساندرز بيرس (1839-1914)"، تقول ميساك إنه عندما أدار بيرس قاعدته البراغماتية نحو مفهوم الحقيقة، جاءت النتيجة متنافرة مع التوصيفات المتعالية للحقيقة، من قبيل نظرية التطابق، حيث الاعتقاد الحقيقي هو ما يتطابق مع العالم المستقل عن صاحب الاعتقاد، أو يعكسه. وهذه التوصيفات للحقيقة هي أمثلة عن الأفكار الشاردة التي لا مرجعية لها. جعلوا من الحقيقة موضوعًا لميتافيزيقا فارغة. ففكرة العالم المستقل عن صاحب الاعتقاد، والمواضيع ضمنه التي يُحتمل أن تتطابق معها الاعتقادات أو الأحكام، تبدو قابلة للإدراك، إذا استطعنا بطريقةٍ ما الانعتاق من متن اعتقادنا أو ممارساتنا العملية أو الأمور التي نتعامل معها فحسب. هذا يعني أنّ المفهوم التطابقي للحقيقة يفتقد البُعد الذي يجعله ملائمًا للتحقيق.