وصف الكتاب:
يقدم فيه الباحث دراسة توثيقية لنواحي الحياة في ولاية صحم قبل عهد النهضة المباركة. يقول المؤلف في مقدمته: “في هذا الإصْدار، أرَدْنا تسليط الضّوء على جانبٍ من ثقافة المُجتمع العُمَاني وأنشطته وحِراكِه المُجتمعيّ في إحدى بيئات هذا المُجتمع، هي البيئة السّاحليّة، حيثُ خصّصْنا بحثنا في هذا السّياق، حول النّشاط البحري الملاحي، بوصف هذا النّشاط هو أحد أهم الرّكائز الأساسيّة في التاريخ العُمَاني، وكان للعُمَانيين فيه دورٌ كبيرٌ، ومُساهمةٌ فاعلةٌ في جوانب عديدة منه. وركّزنا البحث في هذا النّشاط على الفترة ما قبل عام 1970م، أي قبل النّهضة العُمَانيّة المُعاصرة؛ مع علم القارئ الكريم، بأنّ هُنالك العديد منَ الكتب والدّراسات والأبْحاث التي صدَرَتْ حول النّشاط البحري وأهميّته في عُمَان، والدّور الملاحيّ العظيم للعُمَانيين خلال الحقب التّاريخيّة السابقة، ومُساهماتهم العلميّة والتّقنيّة في هذا المجال بصفةٍ عامّة، سواءً مِنَ الباحثين والمُؤرّخين العُمَانيين أو مِنْ غيرهم، إلاّ أنّنا أردْنا التّركيز، في هذا الإصْدار، بصفةٍ خاصةٍ، على جوانبَ ثقافيّةٍ وأنشطةٍ مُجتمعيّةٍ كانت مُهمّةً في مُجتمع هذه البيئة (السّاحليّة)، وبالذّات في ما يخْتصّ منها بمجال الثقافة البحريّة والملاحيّة والأنشطة المُجتمعيّة التي كانت سائدةً ورائجةً في فترة ما قبل عصر النهضة العُمَانيّة المُعاصرة”. ويضيف المؤلف:”اخترنا أن نُركّز الحديث في هذا الموضوع على ولايةٍ ساحليةٍ واحدة، هي ولاية “صَـحَـمْ” الواقعة على الشريط السّاحليّ لبحر عُمَان في شمال مُحافظة الباطنة، كأنموذجٍ لولايات ساحليّة أخرى نشطت في هذا المجال. فعندما نتحدّثُ عن ولاية ساحليّةٍ مثل “صَحَمْ” فإنّما هو ذات الحديث عن عددٍ من ولايات عُمَان السّاحليّة الأخرى الواقعة على سواحل بحر عُمَان وبحر العرب، من مُحافظة مُسندم شمالاً حتّى مُحافظة ظفار جنوباً، في كثيرٍ من جوانب الحياة، مُجتمعياً وثقافياً ونشاطاً بشرياً، والحال نفسه في الجوانب الطبيعيّة والبيئات الجغرافيّة، فهي مُتماثلةٌ في هذه الولايات السّاحليّة في جوانب عديدة، وقد تتميّزُ أو تنفردُ ولايةٍ دون غيرها في جوانب لا توجد في غيرها، كما هو الحال في النشاط الملاحي التّجاري”. قسّم الباحث جمعة الشيدي كتابه إلى مُقدّمة وبـابَـيْـن، يحتوي الباب الأوّل على أربعة عشر فصلاً، تتضمّن التعريف بولاية صحم وبيئاتها الجغرافيّة الطبيعيّة، ومِهَنُ أهلها، ومُجتمعُ أهل البحر فيها، والتّفاصيل المُختلفة للعناصر الثّقافيّة والأنشطة السّائدة في المُجتمع السّاحلي في فترة ما قبل عصر النّهضة، وركّز بصفةٍ خاصةٍ على النّشاط البحري والملاحي. كما تُبرزُ بعض الفصول في هذا الباب جوانب مُتعدّدةً يزخر بها النّشاط البحري الملاحي الذي تختصّ به البيئة الساحليّة في الولاية. وبيّن المؤلف العناصر الفنيّة المُهمّة في عمليّة الإبحار وأدواته، وأهميّة المواسم المناخيّة للإبحار، كما تمّ حَصْر نواخْذَة السفن وربابنتها وأسماء تلك السفن وأنواعها. أمّا الباب الثاني، فيتضمّن خمسة فصُول تُركّز على جوانب مِنَ الحياة الثقافيّة والأنشطة المُجتمعيّة في ولاية صحم، وتحدّثت هذه الفُصول عن تجارة اللّيْمون وتصديره، كما أبرزت جوانب من ثقافة المُجتمع في مناسبات الأعراس، والثقافة الموسيقيّة التّقليديّة، وجانبٌ من تقاليد الأعياد، وبعض وسائل الرّي التقليديّة في ولاية صَحَمْ. وقد بَرَزَ من خلال هذه الدراسة، عدد كبير من المفردات والمُصطلحات والتّسميات المُتداولة محلياً في مجتمع ولاية صحم، وبعض المواقع على السّواحل العُمانيّة، وتمّ تدوينها بحسب نُطقها في الدارجة المحليّة، وحاول الباحث الإتْيان بما يقابلها من مُفرداتٍ ومُسمّيات في أماكن ومُجتمعات أخرى غير ولاية صحم، والتّعريف بها وشرح بعضها قدر الإمكان.