وصف الكتاب:
«الحزن يدفعك للحوار مع النفس».. هذه كلمات طبعها الكاتب القطري هاشم السيد تحت عنوان روايته «نافذة الأحزان» التي صدرت مؤخرا في الدوحة. تأخذنا الرواية في إطلالة على النفس البشرية للتعرف على ما يحيك بها من قلق ومخاوف، نتيجة لما تتعرض له من مشاكل ومتاعب، قد تكون نتيجة لأفعال يرتكبها أصحابها أو من جراء تعاملهم وتفاعلهم مع المجتمع والبيئة المحيطة بهم، ثم تبين لنا كيفية العلاج بالصبر والتفكير المنطقي. ويقول هاشم السيد: مما لا شك فيه أن الانفعال الناتج عن هذه المشاكل تدفع الإنسان للحوار مع النفس، وهذا الحوار يكون إيجابيا إذا اتقى الإنسان ربه وازداد تقربا إليه وتمسك بالمبادئ والقيم النبيلة متيقنا في معية الله سبحانه، وهو ما تستعرضه الرواية من خلال شخصيتها المحورية «أحمد» الذي تعرض لمجموعة من المشاكل والهموم كان كل منها بمثابة نافذة على الأحزان ومدخلا لحوار مع النفس لا ينتهي. ويخصص المؤلف النافذة الأولى لحزن «أحمد» على فراق أخيه الذي سافر لاستكمال دراسته بالخارج، وكيف ان قلبه يتمزق لعدم رؤيته كل صباح كما تعود وبدأ يسترجع الذكريات الجميلة التي عاشاها معا مع كل ركن وكل شيء في المنزل. وفي ذات يوم جاءه شعاع من الأمل في رؤية أخيه عندما وعد بالعودة إلى أرض الوطن في إجازة ولكنه اعتذر بعد ذلك، ليتبخر هذا الأمل ما دفع «أحمد» للبحث عن بعض البدائل لتشغل حياته، فبدأ بتقوية علاقته بأصدقائه ثم اتجه إلى الحياة العملية بشراء شركة ولكن لعدم إلمامه بالنواحي المالية اضطر لبيع الشركة لسداد معظم مستحقات البنك، وحصل على قرض آخر استثمره في سوق الأوراق المالية ليحقق الكثير من الأرباح ويقضي ما تبقى عليه من ديون، ويكتسب من هذه التجربة الكثير من الخبرات التجارية التي أهلته لإدارة بعض المشاريع في ما بعد. تستعرض نافذة أخرى حزن «أحمد» على فراق والديه بموت أمه بمرض عضال عجز الأطباء أمامه، ثم وفاة الوالد حزناً على رفيقة دربه، مما كان له الأثر على حياته العملية بالرغم من حصوله في هذا العام على شهادة علمية عالية في مجال التمويل والاستثمار من الخارج، ورضي بقضاء الله وبذل قصارى جهده ليكون ولداً صالحاً يدعو لأبويه. وبالرغم من الهموم والأحزان التي كانت تجيش في صدر «أحمد» وحبه للاختلاء بنفسه للتأمل فإنه كان يجلس مع أصدقائه وأقاربه ويتحاور معهم حتى أنهم يظنون أن الحزن لا يعرف له طريقا، ولكنه كان دائماً متفائلاً مستبشراً خيراً في غده، فهو شخصية يمزج بين نوعين من الحياة واحدة يعيش فيها وحيداً مع مشاعره، وأخرى يقاتل فيها من أجل البقاء والحفاظ على الصدارة ليحقق طموحاته. في النافذة الأخيرة يجسد لنا «أحمد» النمط السليم والكينونة الصالحة للإنسان بعد صراع فكري وثورة داخلية أثناء وقوفه على قبر ميت وتمنيه أن يكون القبر داره ليهرب من الدنيا ومتاعبها، وحيث انه لا يتحكم في أجله وبعد تفكير في عدة بدائل وجد في كتاب الله ما يهدئ من ورعه، ليصل إلى أن المسلم مطالب بالأعمال الصالحة وأن الدنيا مزرعة للآخرة.