وصف الكتاب:
وتضم المجموعة عددًا من القصص التي ربما تسير أجواؤها في إطار واقعى، إلا أن الكاتب يستلهم اللغة والتراكيب والجمل التراثية أو القديمة، في محاولة ربما لتأصيل الكتابة بطريقة جديدة تعتمد على الجزالة اللغوية والفصاحة والبيان، وفى الوقت نفسه تسعى لتقديم منظومة من التقنيات والوسائل والألعاب الفنية المميزة داخل الجمل، وفى إطار اللغة والتخييل المنطلق من المجاز. وكأن الكاتب يضعنا أمام نص يشبه المقامات ببنيتها الفنية الكلاسيكية، لكن النص نفسه يتحرر من تلك البنية، وينطلق في آفاق حداثية جديدة تمامًا ومغايرة للمألوف والمتبع في هذا النمط. وتتميز المجموعة باللغة المكثفة العميقة الوصفية دون إطالة، ويعتمد الكاتب في الكثير من الأحيان على الصور المركبة وعلى الأسلوب الدرامى في التفاعل مع الحدث وتوصيف الحالة الشعورية. ويبدو الإسقاط على الواقع هو الغرض الأساسى من التصوير الفنى والمجازى للعديد من القصص التي تضمها المجموعة. وربما تكون هذه المجموعة امتدادًا لحالة شعرية لدى المبدع، الذي صدر له من قبل ديوان شعرى في عام 2017 بعنوان: «في عتمة الضوء»، ومن أجواء المجموعة التي ربما اختار لها الكاتب فكرة الإصحاح في تناصّ مع النصوص التوراتية أو استلهامًا للروح الشعرية التي جسدها أمل دنقل بطريقة في غاية البهاء والروعة في العهد الآتى، ولكن ينطلق الكاتب هنا من مناطق جمالية وفنية مختلفة، هي ابنة عصرها وبيئتها بالأساس.. (الإصحاحُ الخامسُ: كشَاعرٍ يحتفِظُ بيرقاتِ النصِّ علَى هيئةِ قُصَاصَاتٍ؛ أفكِّرُ في عنفِ اللُّغَةِ وتجريدها المعنى مِنْ مَعَايير أفضليَّتهِ. هبْ أنَّنى مُمْتنٌّ للخطابِ العنيفِ وللبَلاغَةِ الحسَنَةِ! فإنَّنى لسْتُ مثلَ كثيرينَ، مِنَ الوُدَعاءِ الطيبينَ؛ وإنَّما أمارِسُ اللُّغةَ العنيفةَ، وأجلِبُ وُسَطَاءَ عنيفينَ بدورهم، مِنْ بيْن شفراتِ اللُّغَةِ الشّكْسَاءِ، إنَّمَا أريْدُ بشكلٍ ملموسٍ هذا التعبير الذي يُعطى صوتًا للعنفِ، أنْ أنتِجَ كلامًا بعيدًا عَنْ تُرَّهَاتِ القصائدِ القديمةِ، إنَّنا بشىءٍ مِنَ التُؤدةِ يمكننا تحرير العلاماتِ، وتدوير المعنى، من فُوَّهَاتِ الورقِ. فمن الحتمىّ أنَّ الخطابَ العنيفَ لشَاعِرٍ مُتَجَوِّلٍ هو خطابٌ أكثر رقَّةً ويشْتطُّ بالعُذُوبَةِ دونَ مَا سِواه مِنَ الخطاباتِ الرَّسميَّةِ، وأنَّنى كأحد العنيفينَ جدًّا أحاولُ أنْ أجعلَ السَّلامَ ممكنًا، فلا أحبِّذُ الإدانات المجازيةَ، بطريقٍ أخرى تائقٌ إلَى الاعترافِ بالعنفِ، ووشْوَشَاتِهِ وجموحهِ الذائبيْنِ في تَلابِيبِ اللُّغَةِ، لكاتِبٍ يَكْتُب القصَّةَ القصيرةَ، إذا مَا نَظَرَ صبيةً أو توقَّفَ عندَ بائعِ الجرائد القوميةِ، وهـو يتحسَّسُ جَيْبَه، بحثًا عنْ سكينٍ كمحاولةٍ جماليَّةٍ في بَهْرَجَةِ العَاَلَمِ بدمَاءِ السَّاسَةِ الظُرَفَاءِ!).