وصف الكتاب:
أن هذا الكتاب هو من أهم، إن لم يكن أهم، ما كُتب عن الخيام؛ وذلك بشهادة أعلام من الأدباء الإيرانيين مثل محمد جواد مشكور الذي قال إن دشتي “استطاع أن ينفذ إلى روح الخيام ويعيش في أعماق نبضاته الأدبية ليستخلص من كل ذلك دراسة عميقة لمختلف جوانب الخيام وأفكاره وانطلاقات نفسه وروحه”، وصادق نشأت الذي نوَّه بالتجربة الإبداعية لدشتي الذي يمثل بحسب رأيه “حلقة جديدة من حلقات النقد في الأدب الفارسي بعامة، وأحد الرواد في كتابته بطريقته الخاصة”. وعني دشتي في كتابه هذا بدراسة شخصية الخيام الخلافية العصية علميًا وأدبيًا ومسلكيًا وعقديًا، مستعينًا بأدوات علمية ومعارف عدة وقرائن وأمارات ومنهج علمي دقيق للبحث عن السمات الحقيقية لعمر الخيام من خلال ما خلف من آثار علمية، وآراء معاصريه، ومسلكه الحذر ونمط كلامه وتفكيره. وقد جاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في عمّان في ثلاثمئة وسبع وسبعين صفحة من القطع المتوسط، وصمم الغلاف الفنان بسام حمدان واختيرت له الصورة الأصلية نفسها التي وُضعت على غلاف النسخة الفارسية. وضم العمل ثلاثة أقسام: الأول: جُعلَ في البحث عن الخيّام، ويشتمل على ثمانية مباحث عن الخيّام الشاعر, والخيّام في نظر معاصريه، وكرمه أو ضِنّته في التأليف, ومشاجرته العلميّة مع ملك الرّي علاء الدولة، والخيّام من آثاره، والخيّام والتّصوف والباطنية اللذين خرج منهما إلى أنّه لم ينتم إلى أيّة فرقة فلم يكن باطنيًّا, وكان أقرب إلى المتصوفة الذين يجمعون بين الشريعة والفلسفة. أما الثاني فجُعل في البحث عن الرّباعيّات، إذ جهد المؤلف في أن يصطفي أصيلها من خلال ثمانية محاور أيضًا بدءًا من المصادر الموثوقة والأقرب إلى عصر الخيّام؛ ثمّ محاور الموت والحياة، ونمط الكلام والتفكير، وخمرة الخيّام، والخيّام في نظر عدد من المستشرقين الذين تصدوا لدراسته وترجمة أعداد من الرباعيّات. وقد اهتدى من كلّ هذا إلى أنّ ثمّة رباعيّات شبيهة برباعيّات الخيّام؛ بالاقتداء والتقليد والتحريف والرّد؛ وإلى اختيار أربعٍ وسبعين (74) رباعيّة رأى أنها الأقرب إلى الخيّام، وإلى أن عددًا من الرباعيّات تشابه الرباعيات الخيامية فتبدو كأنّها خيّاميّة. الثالث والأخير: الفكر الحائر. وقد درس فيه بعد كلّ ما سلف في القسمين السابقين خمسة محاور يدلّل فيها على أفكار الخيّام المختلفة التي تلخص مواقفه الوجودية، وتشعبت إلى نقاشاته حول: من أين المجيء وإلى أين الذّهاب؟ ونقصٌ ألاّ تأتي الصُّور جميلة، وذبابة بدتْ واختفت، والزّهرة لا تُفِتّح بعد ذبولها، وهل من عودةٍ بعد الرّحيل؟ على الرغم من كلّ ما بذل من جهد في دراسة شخصيّة عصيّة خلافيّة كالخيّام، فقد اعترف بكل صدق في ختام مقدمته «أن كلّ ما أنجزه إلى الآن ليس بكافٍ، وأن ميدان البحث عن الخيّام والرباعيّات فسيح جدًّا علّه يظهر المجهول وغير المتوقّع من خلال مصادر قديمة تدلّنا أكثر على الخيّام الحقيقي». وذكر المؤلف علي دشتي في مقدمة الطبعة الثانية من كتابه أن معرفته بالخيام تعود إلى أيام شبابه، غير أن خيام ذلك الزّمان كان يبدو له “خارقًا للعادات والتّقاليد ولا يخشاها، ومتجاوزًا حدود الاعتدال يُكسّر ويخرّق، إذ أطلّ من خلال مجموعات مترعة بمئات الرّباعيّات التي لم يشك أحد في صحتها وأصالتها وحتّى بالجليّ مما فيها من انحرافٍ غير معقول. فهل تصدر مثل هذه التلفيقات الهزيلة والتراكيب العاديّة والبسيطة والضعيفة والتناقضات الفجّة عن الخيّام الذي وُصف بأنّه «تلو ابن سينا»؟”. وبيّن أن كشف الكثير من هذه التلفيقات التي نُسبت إلى الخيام عبر رباعياته ممكن عبر تحري “سمات الخيّام الحقيقيّة، خلافًا لكلّ ما هو متداول ومعوّل عليه، من أقواله وكتاباته، لتخليصه من سوءات روايات معاصريه، وإنعام النظر في أقواله وآثاره الأصيلة المسلّم بها لنبذ الرّباعيات التي لا تتواءم مع شخصيته. وهذا ما أنجزته في القسم الأوّل من الكتاب بقدر ما أسعفني فيه ضيق صدْري وقدراتي المحدودة”. والمترجم الدكتور يوسف بكّار حاصل على شهادة الدكتوراه في النقد الأدبي (1972)، وعمل أستاذا جامعيا في جامعة اليرموك الأردنية حتى تقاعده عام 2016، وتولى خلال عمله في الجامعة عدداً من الوظائف الإدارية والأكاديمية، وصدرت له عدد كبير من الأعمال الأدبية في النقد والتحقيق والترجمة، منها:”اتجاهات الغزل في القرن الثاني الهجري” (1971)، و”بناء القصيدة في النقد العربي القديم في ضوء النقد الحديث” (1979)، و”في العروض والقافية” (1984)، و”عمر الخياّم والرباعيات في آثار الدارسين العرب” (1988)، و”من بوادر التجديد في شعرنا المعاصر” (1990)، و”أوراق نقدية جديدة عن طه حسين” (1991)، و”عصر أبي فراس الحمداني” (2000)، و”سادن التراث: إحسان عباس” (2001)، و”إبراهيم طوقان: أضواء جديدة” (2004)، و”حفريات في تراثنا النقدي” (2007)، و”في محراب الترجمة” (2016)، و”التّرجمات الأردنية لرباعيّات الخيّام (2018). وعلي دشتي أديب وباحث وناقد ومترجم إيراني كان له اطلاع واسع على الآداب الفارسيّة والعربيّة والأوروبيّة، وعلى النقد والفلسفة والتاريخ والموسيقى. وُلد في قصبة «دشستان» عام 1273هـ/1894م وتوفي عام 1360هـ/1981م. أمضى سنواتٍ في العراق حيث درس العلوم القديمة، وعاد إلى إيران عام 1298هـ/1918، وأقام مدّة في كلٍّ من شيراز وأصفهان التي تركها إلى طهران حيث انخرط في السياسة.