وصف الكتاب:
تقدم رواية “خارج السكة” للروائي الكوسوفي إبراهيم قدريو، والتي ترجمها من الألبانية إلى العربية إبراهيم فضل الله، رؤية في طبيعة “الإسلام الوافد”، الذي يتناقض مع الإسلام التقليدي الذي اعتاد عليه المسلمون منذ قرون، باعتبار أن هذا الإسلام الوافد، يمثل انحرافًا أو “خروجًا على السكة”، التي اعتاد المسلمون السير فيها خلال القرون السالفة. ويأتي هذا العمل في سياق التعاون بين معهد الدراسات الشرقية في بريشتينا بجمهورية كوسوفو، مع دار “الآن ناشرون وموزعون” في عمّان، بهدف تعريف القارئ العربي على آداب شعوب البلقان. وجاءت الرواية في 287 صفحة، واختيرت لغلافها لوحة من أعمال الفنان ليربون قدريو، وُضعت على غلاف الطبعة الأصلية الصادرة باللغة الألبانية. ويرى الباحث محمد موفاكو الأرناؤوط في تقديمه للرواية أنها “تكشف، من ناحية أخرى، عن كوابيس مجتمع أوروبي بغالبية مسلمة، من التطرف الديني الذي يأخذ به إلى المجهول”. الرواية تعبّر عن كوابيس المجتمعات الأوروبية، خاصة المسلمة، من التطرف الديني الذي يأخذها إلى المجهول ويضيف الأرناؤوط أن هذه الرواية “التي فرضها الواقع الجديد ليس فقط في كوسوفو، وإنما في كل البلقان، بعد التغيرات المتلاحقة من انهيار الأنظمة الشيوعية إلى تصاعد الموجة القومية، ثم الدينية، وبروز الجماعات الإسلامية المتشددة المدعومة من الخارج، التي ‘خطفت‘ الإسلام المتسامح، الذي تعارف عليه المسلمون في البلقان منذ أن أسلموا قبل قرون عدة، لتروّج لإسلام متشدّد”. وتدور قصة الرواية حول فتاة ذات علاقة سيئة بوالدها الذي يحاول السيطرة عليها وإلزامها بالتشدد، ثم ينخرط الأب في جماعة جهادية، ويحاول تزويج ابنته من أحد أعضاء هذه الجماعة، وقبل أن يُلقى القبض على الوالد، تتمكن الفتاة من التخلص من إكراهاته والاقتران بالرجل الذي تحبه. ومن النصوص الدالّة داخل الرواية “أحكي لكم عن (دييا)؛ لأنني لا أريد لقصتها أن تُنسى، كما لم أكن أريد لمشاعرها البريئة أن تقبر في مقبرة النسيان. تعلمت منها أن البشر من أعجب الكائنات بسبب التحولات التي تعتريهم، بتغيّر الزمان والأحوال والمطامع والشهوات والمكروهات.. هم مختلفون عن بقية المخلوقات، تحديدًا بسبب خصائصهم النفسية؛ فالحيوانات، تقودها الغريزة في جميع شأنها، تفترس وتُفترَسُ في الأدغال المتوحشة، لا تطيع إلا غريزتها، وهذا يستغلق على الفهم، فهمنا نحن؛ فالغريزة مفارقة لمنطقنا”. ويتحدث الروائي/ الراوي على لسان والد ديبا، “منذ انضمامي إلى الجماعة، واتباعي لمنهجها، الذي نعتقد بأنه السبيل الأنجع لتزكية النفس، كرّست جهدي وانخرطتُ في الدعوة والعمل على إقامة وتطبيق أحكام الشريعة. فنحن نعتقد بأن الشريعة هي النظام القانوني الأوحد الذي يصلح للبشرية. هل تفهمين إلى أيّ جماعة أنتمي؟”. ويواصل الأب متحدثًا عن ابنته “كنت أريد الخير لابنتي، كنت أريدها أن تلتزم السبيل القويم، وتتقدم على صراط التضحيات في سبيل الله، فطلبتُ منها ارتداء الحجاب. كان ذلك خطوة أولى لا بد منها قبل سلك الطريق. وقد نصحني الأصحاب بأن تقدّمها في الطريق القويم لا يتم إلا إذا أصبحت جزءًا من الحلقة، واقترنت بصاحب النفوذ الأقوى وسط الجماعة. في الواقع هو لم يكتسب نفوذه وسطوته، بسبب تفقهه ومعارفه الدينية، بل بسبب ثرائه الفاحش”. ونذكر أن إبراهيم قدريّو ينتمي إلى جيل الروائيين المخضرمين في كوسوفو، إذ وُلد عام 1945 في قرية جيغر التي أصبحت مع بقية كوسوفو جزءا من يوغسلافيا الفيدرالية في ذلك العام. وتخرّج في كلية الآداب بجامعة بريشتينا عام 1968، ومارس التعليم لفترة قصيرة، ثم التحق بالصحافة عام 1970، فعمل مسؤولا عن القسم الثقافي في صحيفتَي “ريلينيا” و”زيري” إلى تقاعده عام 2010. نشر قدريّو كتابه الأول “ليالي جبل كاراداك” في عام 1969، وصدرت روايته الأولى “زمن الحصاد” عام 1979، ثم توالت رواياته التي كان آخرها “القبر المباع في دمشق” عام 2019.