وصف الكتاب:
من فضل الله العظيم على العباد أن أوجد لهذا الدين رجالاً مخلصين، باعوا أرواحهم، ونذروا أنفسهم ودماءهم لخدمة دينهم، فبلغوا بصدقهم وإخلاصهم وهممهم العالية شأواً قصياً، فكانوا حقاً ممَّن تُشدُّ إليهم الرحال. ومن هؤلاء العظام: الإمام العامل الورع الحافظ النووي، مؤلف كتاب: «الأذكار». هذا الإمام الذي بلغ شأناً عظيماً في تنظيم وقته، ومطالعته واجتهاده في طلب العلم ليل نهار، والدعوة إلى الحق من أمرٍ بالمعروف ونهي عن المنكر، وما ذاك إلا لشهوده الحقّ جل جلاله ومراقبته إياه على الدوام. ولشدة حبه له صلى الله عليه وسلم.. ألَّف «حلية الأبرار»؛ ليكون دستوراً للمسلم في الاقتداء الكامل بسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم في جميع الأقوال والأفعال والأحوال. وقد تميّز هذا الكتاب بانتشاره الواسع في آفاق الدنيا حتى لا يكاد يخلو بيت مسلم منه، فضلاً عن طالب علمٍ، وهو الذي قيل فيه: (بعِ الدار واشترِ الأذكار). وما ذاك إلا لإخلاص مؤلفه رحمه الله، وما حواه هذا السِّفر من علوم؛ فإن قارئه يجد فيه من الفوائد الكثير الطيب المبارك مع غاية التحقيق والإتقان؛ فإنه قد حوى: العقيدة والفقه والحديث والسلوك وغير ذلك، كل ذلك مع التحري والضبط، وحسن العرض، ووضوح العبارة، وقد جمع فيه ثلاث مئةٍ وستة وخمسين باباً، ابتدأ فيه بالذكر، وختم ذلك بالاستغفار. وقد اقتصر في ذلك على إيراد ما يحتجُّ به في العمل من الحديث الصحيح والحسن، وهذه مزية كبيرة من مزاياه. وحين عزمت دار المنهاج على نشره.. أولته أهمية كبرى تتلاقى مع مكانته؛ فقد قوبل على خمس نسخ خطية، أهمها تلك التي بخط العلامة ابن الزملكاني وبإملاء تلميذ الإمام النووي المقرب وكاتب فتاويه الشيخ العارف ابن العطار المؤرخة بسنة (695هـ)، ونسخة أخرى عليها بلاغات وإجازة من ابن العطار أيضاً. كما تم تشكيل الكتاب وترقيمه على الوجه الأتم، وعزو ما ورد فيه من أقوال إلى مصادرها. وكما وشِّي بفوائد عزيزة غالية من شرحه «الفتوحات الربانية» لابن علان، وهذا في غاية الأهمية، وهو مما تفردت به هذه الطبعة من المزايا. وكذلك تم التقاط فوائد وشوارد حديثية من أمالي الحافظ ابن حجر العسقلاني ألحقت بالكتاب ضمن ملحق خاص، إضافة إلى مزايا عديدة، بحيث يتأكد الناظر فيها أن هذه الطبعة لا يغني عنها غيرها، بينما تغني هي عن غيرها.