وصف الكتاب:
لما كانت سيرة الرحمة المهداة محمد عليه الصلاة والسلام نبراساً يهتدى به للتخلق بالأخلاق العظام، وطريقاً لمعرفة حقائق الصحب الكرام.. اهتم بها العلماء الأعلام وحفاظ ملة الإسلام. كيف لا وهو الموصل لعلم الحلال والحرام، والحامل على التخلق بالأخلاق العظام، وقد قال الإمام الزهري رحمه الله تعالى - وهو أول من ألف في السير - في علم المغازي: (خير الدنيا والآخرة)؟! ومن أجود ما صنف في ذلك وتداولته الأكياس سيرة الحافظ أبي الفتح ابن سيد الناس؛ لما جمعت من تلك الدراري والدرر، والتي أسماها «عيون الأثر»، وسيرة الشمس الشامي الصالحي، المسماة «سبل الهدى والرشاد»، رحمهما الله تعالى. ولمّا جاء الأول متخماً بالإسناد، والثاني مطولاً بالتفصيل والبيان.. شمر العالم الجليل علي بن برهان الدين الحلبي عن ساعده وانبرى بصارم عزمه، فلخص هذين المصنفين الجليلين. وقدم سفراً وسطاً بين المطول والمختصر؛ ليجعل قراءة السيرة والانتفاع بها ميسراً، وقدم أنموذجاً لطيفاً يروق للأحداق، ويحلو للأذواق، ويقرأ بين يدي العلماء على غاية الانسجام، ونهاية الانتظام؛ مرتجياً بذلك أن يقدم جهود العلماء للخاص والعام. فحذف الإسناد، واستبعد المكرر، وحلاه بذكر الشمائل والفضائل، لسيد الأوائل والأواخر صلى الله عليه وسلم. ورصع أسلوبه اللطيف بمقتطفات شعرية، تناولت مديح رسول الأنام محمد عليه الصلاة والسلام. فجاء بأبيات من البردة للبوصيري، وتائية السبكي، وما يناسب المقام من ديوان ابن سيد الناس. فكان أنموذجاً للانسجام والانتظام، جميل العبارة، قريب المأخذ، وسماه «إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون» عليه الصلاة والسلام. وكان حقاً كما قال: يروق للأحداق، ويلذ للأسماع، ويحلو للأذواق.