وصف الكتاب:
يهدف هذا المشروع وفق المؤلف إلى خلق حالة من الوعي الاستراتيجي بهذه المصالح وطرق تحقيقها. واعادة توطين فكرة الوحدة، والهوية “الواعية” الجامعة لكل مكونات شعوب المنطقة. هذا المشروع هو ما اطلق عليه برغوثي اسم “الإمبراطورية الشرقية الثقافية”. يضيف المؤلف في مقدمة كتابه الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت: ينطلق المشروع من فكرة أن الخلاص الحقيقي لشعوب الشرق، لا يمكن ان يكون إلا جماعيا، نظرا لنظام الهيمنة الإمبريالي الذي يسعى إلى التحكم والسيطرة على دول المنطقة وشعوبها، ومن بين أهم أدوات ذلك المشروع لاستمرار الهيمنة، هو استخدام دول المنطقة وشعوبها ومقدراتها نفسها ضد ذاتها، وإعادة بعث الهويات الفرعية، وإذكاء عوامل الفرقة بأشكالها كافة. من هنا يأتي دور الهوية الجامعة المستقبلية. ويقول البرغوثي ان الكتاب رسالة إلى مثقفي الشرق، وحديث عن مشروع ثقافي يتعلق بحالة وعي وإرادة، لذلك من الطبيعي ان يكون المثقفون “المعنيون” الحامل الأساس لهذا المشروع. إنهم-أي المثقفون-هم الأقدر على رسم ملامح الهوية “الواعية”، التي تجمع شعوب المنطقة، وتمهد الأرضية الفكرية لها، ونشر الوعي بضرورتها، وزج الثقافة في معركة الاستقلال الحقيقي، والارتقاء بها إلى مستوى الاستخدام الاستراتيجي في الصراع. ويدعو الكاتب إلى ترسيخ فكرة التحرر الجماعي او المترابطة لشعوب الشرق، وذلك بإنشاء “الإمبراطورية”، الشرقية الثقافية، من خلال بناء الهوية الواعية الجامعة للشرقيين، والتصدي للفكر الانعزالي والتقسيمي المبني بالعادة على الطائفية والمذهبية والاثنية والقبلية والكيانية، يجري الحديث عن مشروع ثقافي شرقي يشكل المثقفون رواده وحامليه. الكتاب جاء ضمن حقلين بحسب المؤلف الأول يتعلق بالمشاريع الهادفة إلى تفكيك الشرق والهيمنة عليه، وهما المشروعان “المشروع” الامبريالي الغربي والصهيوني، والسياسيات التي بواسطتها تفرض تلك القوى سيطرتها، والعبث بمصير المنطقة. اما الحقل الثاني فيتناول مواضيع تتعلق بكيفية التصدي “ثقافيا” لتلك المشاريع، وذلك بخلق الوعي بأهدافها الكارثية، وبأهمية العلم على نشر ثقافة التقارب والوحدة بين شعوب المنطقة، والدفع باتجاه شكل من اشكال الوعي بالذات “هوية”، يحصن شعوب المنطقة ويدفع باتجاه “الامبرطورية”، التي تشكل ضمانة لاستقلال المنطقة الحقيقي وسيادتها الحقيقية وتطورها الإيجابي. وكذلك يتطرق إلى القوى المحركة “للمشروع” الشرقي وخاصة المثقفين، ويبين الأسباب التي جعلت منهم طليعة لتحقيق ذلك المشروع، والكيفية التي من خلالها تستطيع شعوب المنطقة تحقيق أهدافها. يقول برغوثي إن مشاكل المنطقة مع المشروع الامبريالي-الصهيوني تتلخص في امرين الأول هو عدم الادراك الحقيقي لمدى الترابط القاطع والمطلق بين طرفي هذا المشروع، والبناء الواهم في أحيان كثيرة على إمكانية الفصل بينهما، مثلما اعتقد مفاوضون فلسطينيون وعرب منذ بدء “العملية السلمية” بين إسرائيل والعرب، وما ترتب على ذلك من كوارث على الجانبين الفلسطيني والعربي. اما الامر الثاني فهو تصور السياسات الاميركية والإسرائيلية تجاه المنطقة، على اعتبار انها عفوية وتلقائية، وجاءت بحكم التطور الطبيعي للأحداث، ان عدم فهم ذلك على انه مشروع(Project) بالمفهوم التقني للكلمة، مشروع يبدأ بالفكرة، ثم الأدوات والإمكانيات والتكاليف والمخاطر النتائج، وحتى التحقق من تلك النتائج، يشوه المشهد ويعيق ضرورة امتلاك المنطقة لمشروعها المضاد لمواجهة ذلك المشروع الذي يستهدفها. ويتحدث المؤلف عن اهداف المشروع الصهيوني الذي لا يقتصر على احتلال فلسطين وقيام إسرائيل مكانها، وجلب اليهود اليها وانتهى الامر، بل يهدف إلى العمل على تدمير الأمة ويسعى الى تقسيم المنطقة، والسيطرة عليها، والإمعان في تجزئتها واستمرارها ضعفها وتبعيتها للغرب الإمبريالي وضمان قبليتها للتبعية إلى الأبد. ويؤكد المؤلف ان فلسطين لن تتحرر الا في سياق انكسار او انحسار المشروع الامبريالي الغربي، وطليعته في المنطقة، وهو المشروع الصهيوني، ومن هنا كانت عمليات التعاطي مع المشروع الصهيوني على امل إيجاد حل “مقبول” للقضية الفلسطينية غير مجدية، لأن اعتبار إسرائيل على انها دولة تريد ضمان امنها، وبالامكان إيجاد حلول وسط معها من اجل حل القضية الفلسطينية هو فصل “تعسفي” بين إسرائيل والدولة وإسرائيل المشروع، الذي تشكل السيطرة على الجوار جوهر وجوده.