وصف الكتاب:
بعد أن اخترقت رواية «العزيزة»، أو المخلوط السحري عالم النوفيلا باكتراثها وتكثيف أحداثها في العام الماضي، وبنجاح التجربة وتصدّر العمل الأكثر مبيعًا في معرض بغداد الماضي 2019، استطاع الكاتب العراقي راسم الحديثي أن يواصل نجاحه بإصدار طبعة ثانية مُزيّدة ومُنقّحة تحمل عنوان «العزيزة». فيها استطاع الكاتب بحبكة روائية سردية أن يضم روايتين (المخلوط السحري، ميساء أم رميم) في عمل واحد بطريقة مختزلة لأفكار عميقة بلغة بسيطة رشيقة ليواصل مشواره السردي في عالم النوفيلا. يقع العمل في 110 ص. من القطع المتوسط ليجمع بين روايتين صغيرتين في عمل واحد تربطهم الواقعية والحياة الاجتماعية للعراق بين الحروب والتشتت بين التشرد والترحال. توثيق الأحداث الواقعية بين شخوص خلقها الكاتب يوثّق لنا المؤلف الأحداث بشكل واقعي مغلّف بالخيال لرؤية عميقة بين شخوص خلقها الكاتب وجسَّدها على الورق تنطق بحال لسان أناس عاشوا وتعايشوا في رغد العراق حتى ركضوا وقفزوا وهربوا فوق أطلاله. فيهم من استشهد وغيره من أُصيب وغيره ما زال يزرف دمًا ويكتب به حكايته في حقبة زمنية تدور في فلك يسبح بين عام 1991 حتى عام 2003 بين الحروب والقصف حتى تمكّن الروائي من إطلاق قذائفة السردية على داعش، شرَحَ أبعادها وتفاصيلها ودروبها وشعابها بين أهل العراق إلى أن فرقتهم. يقول المؤلف في رواية «المخلوط السحري»: «في الجوع لا يوجد خبز سيء كما يقول ماركيزوهنا في العزيزة أو المخلوط السحري لا يوجد أحد مطمئن، الجميع خائف، المدينة ومن يسكنها، تعيش في رعب وراثي، كأنها لعنة أبدية تتوارثها الأجيال أو كأننا في حروب الردة قبل أكثر من ألف عام لكنها بين المؤمنين بعضهم البعض». وفي رواية «ميساء أم رميم» يقول المؤلف: «صمت وظلام يلف العالم من حولهم، صمت تمزقه أصوات انفجارات وأزيز طائرات ورعب ثقيل وجوع قاتل، رجال ملثمون وحاسرو الوجوه يجوبون الأزقة والطرقات ويدخلون البيوت عنوة بأرجل مدربة على كسر الأبواب الصلدة والمزاليج حجتهم التفتيش عن أسلحة ومن له ولاء لداعش». الكاتب يصف اللعنة التي حلت بالجميع ويواصل الكاتب وصفه فيقول: «رعب وجوع وأمراض وبحر أسود تتلاطم أمواجه كي تحاصر آلاف الكيلو مترات ابتداء من ريف أبي غريب المحاذي للعاصمة بغداد إلى ريف العاصمة دمشق، كل هذا العالم الكبير المحاذي لنهر الفرات وصحرائها وقع تحت سطوة مسلحين مجهولي الهوية وينعتهم الناس بكلمة (داعش)». يقتنص المؤلف من خلال السطور تاريخ اللعنة حيث البيت الواحد يصبح بيوتًا وجرثومة الفتنة تتفشى في العائلة الواحدة وفي القبيلة الواحدة وفي المدينة الواحدة؛ فتجعل الناس سكارى وما هم بسكارى، يُقتل الإنسان على اسمه وعلى جنسيته وعلى دينه وعلى وظيفته، تُغتصب النساء وتُسرق البيوت والمال والعام والآثار، وتبور الأرض الزراعية، وتجف مياه النهرين وتموت الأحياء، إنها اللعنة وقد حلّت بالجميع.