وصف الكتاب:
القصص نسجها المؤلف عادل الهاشمي ببراعة وأسلوب رشيق ونهايات قد تكون غير متوقعة من القارئ. يقول الناقد طلال الحديثي في مقدمة «الأيام تمضي»: «في هذه المجموعة القصصية للهاشمي، فإن الشخصية هي التي تتفوق في قصصه. «الأيام تمضي» قصص شخصيات وقصص عادل رافع الهاشمي في هذه المجموعة بالذات، وقد سبق أن أصدر مجموعة قصصية قبل عام بعنوان «كل شيء غريب»، أقول هي قصص شخصيات. وإذا كان أشخاص القصة، على رأي إليزابيث بوين، عليهم أن يتصرفوا بالشكل الذي نتوقع منهم أن يسلكوه حتى أننا لنكاد نتنبأ بنهايتهم أو مصائرهم، فاذا لم تظهر هذه الحتمية، واجبرهم المؤلف على أن يسلكوا طريقاً لا نتوقعه نحن، عندها نميل إلى الاعتقاد بجنوح القصة عن الواقعية. هذا ما حققه القاص في مجموعته «كل شيء غريب»، فشخصيات قصصه تبدو لنا كأنها مرسومة تسير على خط متوازن في الحياة، لتنتهي إلى نهايتها المتطابقة مع الواقع. أو غير المتطابقة بما يجعلنا نعتقد نحن (كقراء) أن ثمة أمر غير متوقع أو نهاية غير متوقعة حدثت وحينها ينبض (الفن) الذي من أجله نقرأ. العلاقة بين المتخيل والواقعي ليس مطلوباً منا سوى التحقق من أن القاص في قصصه نجح في الوصول (بالمتخيل) إلى مستوى (الواقعي) أو (الارتفاع) بالواقعي إلى مستوى المتخيل، فنحن لا نتوخى الصورة القلمية في القصة بقدر ما نتوخى الصورة القلمية في إطار الفن، ونتوخى الحدث الواقعي في إطار الفن. وحتى (الحكاية) التي أحببنا سماعها منذ الصغر دخلت إلى قلوبنا من باب (الفن) الباب الذي ابتكره مؤلف مجهول وزاد عليه (مؤلفون مجهولون) فتراكم الإطار المبهر للحكاية التي انجذبت إليها عقولنا وعشقتها قلوبنا. القصة (حدث وشخصية) واقعية ومتخيلة، ولكن ثوب روايتها هو حلية العروس التي تبتهج لها نفوسنا ومتى ما برع بها القاص في نسج ذلك الثوب انفتحت له أبواب القلب، الحضن الدافئ لكل جميل». من قصة (أشعر بالخطيئة) أخذ السائق يتصفح وجهي بالمرآة بطريقة جريئة، أخذتني قشعريرة خفيفة لكني سرعان ما صرفت النظر عنها معللة نفسي بأن معظم سائقي التاكسي يفعلون ذلك. عندما تصعد امرأه معهم يتفحصون وجهها وجسمها وحركاتها بالتفصيل. خَرجْنا من حيِّنا وأصبحنا على الشارع العام، رفع السائق هاتفه الجوال واتصل لكنه أغلقه مرة أخرى قبل أن يتكلم. بعد أن اجتزنا إشارة المرور توقف السائق ليصعد راكب آخر، قال إنه في طريقه إلى مكان قريب من الجامعة. فتح الباب وجلس إلى جواري لم يجلس في المقعد الأمامي قرب السائق، مرت لحظات صمت طويلة، تسلل إليَّ خوف طفيف، تسمَّر نظري باتجاه الطريق، فجأة سمعت هذا الرجل يخاطبني: