وصف الكتاب:
يعدُّ موضوع الأوضاع الاقتصادية في الدولة البابلية الحديثة (627- 539 ق. م) من المواضيع المهمة في تاريخ الشرق القديم عامة وتاريخ بلاد الرافدين خاصة، لقد كان من أهم المقوِّمات الحضارية في هذا البلد هو توفر العوامل البيئية لنشأة ونمو الحضارات، ويأتي في مقدمتها المياه والأرض الخصبة التي وفَّرت لهذا الإنسان الاستقرار، ودفعته بالتالي لإنشاء المستوطنات والقرى والمدن. لقد جعلت البيئة الطبيعية المناسبة، من توفر الماء والأرض الخصبة في بلاد الرافدين، أن يعتمد سكان هذا البلد على الزراعة والإنتاج الزراعي، وكذلك تربية الحيوانات المختلفة والإفادة من لحومها وحليبها وصوفها. إلى جانب الزراعة وتربية الحيوانات مارس سكان بلاد بابل العديد من النشاطات الصناعية واهتموا بالحرف والمهن الصناعية، بيد أن هذا النشاط اعتمد بدرجة كبيرة على الزراعة والثروة الحيوانية. إن تطور الزراعة في بلاد بابل ساعد على التطور الصناعي؛ إذ أصبحت بلاد بابل من المراكز الصناعية المهمة، ولا سيما الصناعات المرتبطة بالمواد الأولية الزراعية والحيوانية، كما أدَّى تطور الصناعة إلى زيادة الإنتاج الصناعي وبدأت مؤسسات الدولة بتصديرها إلى المراكز الحضارية المجاورة لبلاد بابل، والتي أسهمت بتطور النشاط التجاري، ولا سيما ارتباط بلاد بابل بشبكة من الطرق البرية والمائية التي ساهمت في ازدهار الحياة التجارية وزيادة التبادل التجاري بين المراكز الحضارية في بلاد بابل وخارجها