وصف الكتاب:
تُعد حضارة وادي السند إحدى المراكز الحضرية الثلاثة (وادي الرافدين ووادي النيل) التي شهدت التطور المستقل للأنشطة الحضرية والعمرانية، بالرغم من امتلاكها سمات وخصائص متشابهة مع وادي الرافدين. وكان لموقعها الجغرافي أثر مهم في نشوء حضارة مترامية الأطراف بمساحة تفوق مساحة حضارتي وادي الرافدين ووادي النيل، إذ يحدها من الشمال جبال الحملايا الغنية بالموارد المعدنية والخشب، وتميزت حافاتها الغربية بزراعة القمح والشعير وتدجين الأغنام والماشية منذ الألف الثامن ق.م وكان لها ارتباط وثيق مع حضارات الشرق الأدنى بواسطة الطرق البرية التجارية عبر الهضبة الإيرانية. ومن جهتها الشرقية تحدها سلسلة تلال آرافالي الغنية بالموارد الخام مثل النحاس والحجر الصابوني وصحراء ثار (الصحراء الهندية الكبرى)، أما من الجهة الجنوبية فيحدها بحر العرب الذي سهل الاتصال المباشر مع حضارة وادي الرافدين فضلاً عن توفر موارد إضافية لسكان حضارة وادي السند مثل الأحجار والصدف نظراً لأهمية هذا الموضوع في دراسة العلاقات والتشابهات والتأثيرات في حضارتي وادي الرافدين ووادي السند ولقلة الدراسات السابقة التي تطرقت إليه، فقد ارتأينا أن يكون موضوعاً لدراستنا هذه. لذا جاءت هذه الدراسة لتكون سجلاً توثيقياً لأهم التشابهات بين الحضارتين، فضلاً عن ذلك الخوض بأدق تفاصيل ما قبل المدن ونشوئها وبنائها العمراني بمختلف العصور مع أبراز السمات والتأثيرات المشتركة فيما بينهما.