وصف الكتاب:
ربما تعبر هذه الرواية عن شخصيات تسكنها حالة ارتباك، أو استسلام، أو يأس .. وربما شفقة وحيرة .. وقد يقول أحدهم: ماذا أتى بهم هنا ليضعوا أرواحهم في موضع التهلكة؟! لكن ربما يكون للواقع رأي آخر .. ربما ولدوا هنا، وتعوّدوا أن يعيشوا على الحافة؛ فكانت حياتهم هكذا على أطراف الحياة .. لعلهم كانوا من هؤلاء الناظرين إلى السقوط إلى أعلى؛ فالحياة على الحافة مختلفة، فهؤلاء لا يربطهم بقلب الحياة سوى أطرافها، لا ينتظرون .. وربما لا يحلمون .. يعيشون بمفردهم، ويموتون كذلك، يقتلهم الصخب .. توقفوا عن الاندهاش .. يتألمون لدرجة الحماقة، يراهم الآخرون حمقى سفاء أغبياء .. يغردون بمفردهم، يسيرون دون أن يلتفتوا إلى وجوه البشر .. لا تعنيهم الحياة .. يعيشون لأنهم على قيد الحياة .. يأملون أن تتوقف قلوبهم فجأة؛ فيسقطون إلى أعلى حيث السماء .. فللحمقى الذين يعيشون على حافة الحياة ملكوت آخر .. لا يدركه سواهم .. فدعوهم وشأنهم أعترف أنني أعشق البكاء، وأن ما ينمو داخل قلبي مرح مغلول الأقدام، كسيح ضرير، فأبدو كعمياء ترقص في الظلام على معزوفة موغلة في القدم لامرأة صماء. فتولد أحلامي كل صباح، وفى المساء تتحول لأشلاء، أتحسسها، ألمسها، أقبّلها، أجمعها، أواريها داخل باب العتمة، ولا يتبقى سوى وميض شعاع مكسور في العينين؛ أتلمس به الطريق نحو غدٍ يمنحني حزنًا فوق الحزن، أشم رائحته تبعث من نوافذ ثيابي، كعطر بأريج صمت، لكنني أنسج من الدموع سحب تمطر قطراتها في صحراء الأيام كي تنبت بستانا من الورد. ( تنطلق بطلة اراوية قائلة ) كيف تحولت تلك البذور المصمتة كأجنة نائمة في بيات طويل إلى كائنات حية تتنفس وتبتسم وتنمو وتتجمل وتحتل عالم الموتى؛ لتمنحه نوع جديد من الحياة، فربما كانت النباتات تسمع أنات الموتى وغربتهم فتواسيهم بحفيف ناعم كنسيم الليل، وتدعو لهم عبر أريجها، فعلى جسد ميت واحد تنمو آلاف الزهور، تحكي قصة دم ولحم كان يوما ما يمشي على الأرض مثلنا، يحلم بعالم بلا ألم، ورغم أنه رحل لكننا على رفاته نحقق الحلم بعالم أكثر جمالا، وننزع الحياة من قلب الموت، والفرح من جناب الحزن؛ لأن كل الأشياء تمضي وترحل، ولا يتبقى سوى الجمال الذي صنعته أيدينا، ففي كل وردة حياة تمنحها لزهرة أخرى قبل رحيلها، وشجرات ترقبنا لسنوات، وربما لقرون شاهدة على يد تزهر؛ رغم أنها مخضبة بالدماء .. أحيانا أتمنى أن أزرع وردة في رئتي، ربما يحيل الله قلبي إلى مزهرية .