وصف الكتاب:
تمثّل الثورات الحالية نقلة نوعية في التاريخ العربي، وفي الثقافة العربية أيضا. فإمّا أن تنتهي أحداثها إلى تعميق التنوير وتحقيق الحداثة السياسية والثقافية –وليس التنوير في جوهره إلاّ انتقالا بالأفكار الحديثة من دائرة النخبة إلى الرأي العام، وهذا ما نعنيه بدمقرطة الحداثة-، أو أنها ستؤدّي إلى أسر الشعوب العربية في عقلية الجماعة والسمع والطاعة والتقليد الأعمى والعبودية الطوعية. فدور المثقف في هذه الثورات ينبغي أن يكون أشدّ حضورا وقوّة (...) والغاية هي الإصلاح، سواء أتحقّق على طريق الثورة أم تحقّق بطرق أخرى أكثر توازنا. وبما أنّ قضية الإصلاح تظلّ القضية الكبرى والمحورية في العالم العربي والإسلامي منذ القرن التاسع عشر، فإنّ هذه الكتابات تسعى إلى تنزيل الثورات العربية وارتداداتها في كل المنطقة، ضمن مسارات المشروع الإصلاحي والتنويري العربي المتواصل منذ قرنين. لقد تعطّل هذا المشروع في مستويين: مستوى التحديث السياسي، بسبب التمسك الأعمى بكراسي السلطة، ومستوى التحديث الديني، بسبب قمع الحريات الدينية. ولقد أعادت الثورات العربية طرح المسكوت عنه، وهذا المسكوت عنه لا يقتصر على مجتمعات الثورات العربية (...).