وصف الكتاب:
لا يكفي أن يكون لك عقل ممتاز. بل إن الشيء الأهم أن تستعمله استعمالا جيدا. حكمة قالها الفيلسوف "ديكارت" كما يقول المؤلف. ولكن كيف نستخدم هذ1 العقل..؟ المنحة الربانية، هذا هو هدف الكتاب التربوي القيم الذي يأخذ بيد القارئ خطوة خطوة ليعرفه بالدماغ البشري، ويشّرحه له تشريحا علميا مبسطا ليعرف المكونات الأساسية للدماغ من جغرافية الدماغ (جذر الدماغ، قرين أمون، اللوزة، قشرة الدماغ…) إلى مكوناته العصبية، وأهمها العصبون والخلايا الصمغية، ووظيفة كل من هذه المكونات العديدة التي لم تخلق عبثا، لأن التفكير يبدأ من هذا العضو الهام، ومنه ينطلق التعليم. والدماغ هو مخزن الذاكرة والمعرفة عامة. هذه هي موضوعات هذا الكتاب. من المعروف أننا نستقبل المعلومات من العالم الخارجي بواسطة الحواس الخمس المربوطة بشبكة الأعصاب المنتشرة في الجسم إلى جذر الدماغ حيث يتم تصنيفها، ومن ثم العمل بما يناسب المعلومة أو الإثارة والإشارة القادمة. موضوع الكتاب هو التفكير والتعليم والذاكرة، فما هو التفكير ؟ ليس هناك تعريف علمي شامل ودقيق للتفكير، لأن الطريقة التي يعمل بها الدماغ لا تزال مجهولة، فالأبحاث التي تجري بشكل مكثف وعميق لا تزال في أول الطريق، ولكننا نعلم أساسيات ومبادئ أولية نعرف منها كيف يحدث التفكير أو التفكر، فالدماغ يتكون من خلايا التفكير التي تسمى العصبونات عددها لا يتجاوز 10% من خلايا الدماغ، ويوجد منها 100 مليار عصبون في دماغ الإنسان، والخلايا الصمغية تمثل النسبة الباقية 90% من خلايا الدماغ. أي ان هناك 10% من خلايا الدماغ للتفكير. وكيف يحدث التعليم ويخزن في الذاكرة ؟ يقول المؤلف : "يميز الدماغ بين حالتين: الأولى عندما نعمل أو نفكر في شيء نعرفه سابقا، والثانية عندما نعمل شيئا جديدا أو نفكر في شيء جديد، فعندما نعيد شيئا سبق أن تعلمناه فان مسارات الدماغ تنفعل بسهولة، لأن مسار الارتباطات معروف ومعبد" . أما التفكير في أمر جديد، فهو يختلف فالجديد يستثير الدماغ فتتولد طاقة كهربائية فيه من الإثارة التي قام بها هذا الجديد ( معلومة، فكرة، منظر..) وتتحول هذه الطاقة الكهربائية إلى نبضات في العصبون، وتسير إلى أن تصل إلى محطات الفرز في وسط الدماغ وتتواصل العمليات فيه- حتى تخزن هذه الصور والمعلومات الجديدة في جزء الدماغ المسمى (قرين أمون)، وبذا يتم التعلم وتبقى المعلومة في الذاكرة، لذا فإن الباحثين في علم الأعصاب والدماغ يرون أن عملية التعلم والذاكرة وجهان لعملة واحدة. يقدم المؤلف فصلا هاما عن أنواع الذاكرة، ويذكر أنها حسب التصنيفات القائمة حاليا (وقد تتغير لا حقا) فإن هناك خمسة أنواع من الذاكرة هي : ذاكرة المعاني، والذاكرة العرضية، والذاكرة الإجرائية، والذاكرة الأوتوماتيكية( الآلية)، والذاكرة العاطفية. والمؤلف يشبه خطوط الذاكرة هذه بترتيب البضائع في مخازن الأغذية الكبيرة، فهناك رفوف خاصة بالمأكولات، ورفوف خاصة بمواد التنظيف ورفوف خاصة بالألبان، فإن كنت أمام رفوف مواد التنظيف فإنك لن تستطيع الحصول على المواد الغذائية لأنها في مكان آخر. لذا فإن معرفة هذا التقسيم يساعد على العمل لتحسين الذاكرة ولزيادة التذكر عند الطلاب، وعليهم أن يستخدموا هذه الأنواع من الذاكرة عند قراءة الموضوع وكتابته ورسمه ومناقشته مع الزملاء، فكل من هذه الطرق تصنع ملفا للمعلومة في مكان مختلف في الذاكرة. فبعضنا يجد صعوبة في تذكر الأسماء ولكنه حالما يشاهد صورة شخص يتذكره ويتذكر اسمه، وقد يغيب إنسان عن مكان ولا يتذكر منه أو عنه أي شيء، ولكن عندما يعود الى هذا المكان نجد أن ملف هذا المكان وذكرياته وحوادثه تظهر فجأة ويتذكر ما لم يذكره أو يعرف أنه يتذكره. والكتاب يوضح لنا أيضا ويفسر الكثير من المشاكل التي تواجه البعض، فالصغير الذي حرم من العاطفة ( كالأطفال الأيتام الذين لم يجدوا من يرعاهم ) لم تتكون عنده خزينة تذكر عاطفية، فنجده يميل إلى العنف وإلى حب الذات لأن فاقد الشيء لا يعطيه. الكتاب موجه إلى رجالات التعليم والتربويين، لذا فإن المؤلف يوجه نظرته وأمثلته إلى مجال التعليم والاستفادة من هذه المعلومات العلمية في تحسين وتفعيل عملية التعلم، والحقيقة أن المعلومات الموجودة في هذا الكتاب قيمة جدا، ويمكن أن تطبق في كل مجالات الحياة، في العمل مع الزملاء ومع العملاء في التجارة ومع المنافسين في الصناعة وفي الأبحاث والدراسات وفي القضايا الجنائية حيث إن الذاكرة والتذكر هي العنصر الهام عند الشاهد والمجني عليه. قسّم المؤلف كتابه إلى ست وحدات وجعل كل وحدة من عدة فصول ليبلغ الكتاب تسعة عشر فصلا. أما الوحدات الرئيسية في الكتاب فهي : الوحدة الأولى معلومات عن الدماغ، الوحدة الثانية : كيف يفكر الدماغ وكيف يتعلم، الوحدة الثالثة: تحضير الدماغ للتعلم، الوحدة الرابعة: العوامل المؤثرة في التعلم، الوحدة الخامسة : التعلم، الوحدة السادسة: الذاكرة واستراتيجيات التدريس. إنه كتاب قيم يمتلئ بالمعلومات الهامة التي يحتاج إليها كل أب، وعلى كل إنسان عنده أبناء في أي عمر أن يقرأ الكتاب، ويجب أن يقرأه أيضا كل مدرّس ومرّبٍ.