وصف الكتاب:
ومن الكتاب اخترنا قصيدة ( ستة أيام في الدقيقة ):- يومٌ...كجلودِ أيدي بنّائين كُهول بفمٍ متحطّمِ الأسنان، بوجهٍ مُخّددٍ كآثار عجلةِ جرّار في الطّين، بابتسامةٍ كدمِ يابسٍ لأضحيةٍ مجهولةٍ على مئزر جّزارٍ * هاتِهِ ، أيّها الوقتُ، كما جرعةِ قهوةٍ معصورةٍ بقوّة ذراعين معا... كجلمود صخرٍ حطّه السّيلُ فوق جمجمة نائم. هات حقيبةَ خردوات الوعي تسلّلْ مثل ميكانيكيّ محترفٍ تحت محرّكِ شاحنةِ الواقع انظر من أين يقطر هذا الزيتُ الأسود. هاتني لغةً يتصبّبُ عرقُها بحثا عن العُطل في مضخّة المعنى أو في علبة التعشيق والفهم. هات الهواءَ منشفةً مُشبعةً بالغبار ونظّفْ مرايا الرؤيةِ في حافلة نقل البشر إلى جهةِ اللابشر. * ستأخذني قدماي إلى غابةٍ ستأخذني يداي إلى الإمساكِ بمقودِ مجهولٍ سيأخذني رأسي إلى الغطس في غيمةٍ سألقى التحيّةَ على لا أحدٍ سألتقطها وأدسُّها في جيبي لئلاّ تدوسَها الأحذية * يومٌ كألف سنةٍ ممّا يعدُّ حسبةُ المَعْبَد كتنهيدةٍ بمقدار خمسين ألفَ رئة. يبدأ بالبسملة، بسيجارتين، أو بالنشيد الوطنيّ. يبدأ بمكنسةِ عامل نظافةٍ، يبدأ بكلبين أبيضين يفترسان القمامة. يبدأ بمعركةٍ بالسّكاكين في سوق الخضار أو بزحاف في تفعيلة البحر الأبيض المتوسّط. يومٌ يبدأ منتهيا، كجنين خَنَقَهُ حَبْلهُ السرّي. يبدأ بشتيمةِ متسوّلٍ لمتسوّلٍ زاحمه المكان يبدأ باحثا عن بداية.... * يومٌ صالحٌ للاستعاضة عنه بخمس مئة نسخة صالٌح للنومِ ستّةَ أيّامٍ في الدقيقة أو لصفق الباب والانطلاق على درّاجةٍ ناريّةٍ صوب العراء صالحٌ لتقشير البطاطا في مطبخ ثكنةٍ لجنودٍ لن يعودوا من الحرب صالحٌ لكتابة روايةٍ أبطالها يتآمرون على قتل المؤلّف صالح للذِّكْرِ أو للسّكْرِ، أو للمكْر. صالح ٌلرمي الحصى في البحيرة. أو للنقيق الرسميّ في المستنقع الفخمِ، صالحٌ للمفرقعات، لتقليم الأظافر للبيع بالتوقيع، لاستقالةِ العصفور من كذبة الطيران، لجرْجَرَةِ الأمل من شَعْرِه إلى حظيرة اليأْس صالحٌ لانسحاب العاشقِ من مسرحيّة العِشْق، والتحاقه بفريق حَمَلَةِ خُصَى الدّلافين. صالحٌ للتطايرِ في كلّ اتجاهٍ كريشِ دجاجةٍ ينتهشُها ثعلبٌ * يوم الطابور الأعظم، أمام دكّان الوجود الضحل مصابٌ بعرق النِّسا، والنسيان هاتني حصّتي منه، وانصرف عنّي أيّها الوقت. وسّع إذا شئت دائرةَ الفرجةِ، كي تشطح الكارثة * يومٌ لا أصدقاءَ له، وحيدٌ كالذِّئْبِ الجريح. يجلسُ في عيادةِ الطّبيبِ منذ صباح الخليقة. يومٌ من أيّام ابنةِ الكلب الحياة يهشُّ عليه الشعراءُ بعصا حارس الباركينغ * هاتهِ، أيّها الوقتُ، هاتِ النِّفاق، وتذاكرَ الحجّ، والفواتير، وسعال التقاعد. هات الضُّحى، وحدبةَ الظهيرةِ، ودولابَ المساء هاتِ اللّيل محشوّا بكوابيسِ الجنِّ، وصراخِ ملعبِ كرةِ القدم، وأخبارِ الحروب. هاتِهِ، وهو يشمُّ مؤخّرةَ اليوم السابق كسلوقيّ الصّيد. وهو يطفئُ سجائرَ الأمْسِ في مرْمَدَةِ الغد هاتِهِ طلقةً مجهولةً بمسدّسٍ معلوم. هات ورقةً، وقلما دوّنْ بيدك انفجار الصمت في بالوعة القلب، دوّنْ ما عليك من الدّيون تجاه فساد النّسْغ في الأشجار دوّن سقوط اللّحم عن عظم الحياة دوّنْ خُطبةَ السكّير دوّنْ صدأ المسامير في خشب المنبرِ، دوّنْ الزهايمر، دوّن خطأ العشبةِ في النموّ داخل الإسمنت، دوّنْ باليد اليمنى حماقاتِ اليد اليسرى دوّنْ باليد اليُسرى لُهاث الغشّ في اليمنى دوِّنْ خيبةَ الكرسيّ خيبةَ الصُّنْدوق، خيبةَ الورْدِ، خيبةَ الأطفال، خيبةَ الخبز والملح، خيبةَ الحُقْنَةِ في الذّراع خيبة الرُّقَعِ في برنوس البطل خيبةَ الهواء في انعدام النافذة خيبةَ النافذة في انعدام الهواء دوّنِ الموتى يشربون من عَرَقِ الأحياء. دوّن الأحياءَ متّكئين على أرائك من عظام الموتى لا تدوّنّي هاتِ حصّةً منّي ودعني انصرفْ. تجدر الإشارة إلى أن الأخضر بركة. شاعر جزائريّ، من مواليد 1963.ببلدة المحمديّة في الغرب الجزائري.