وصف الكتاب:
إن للبعد الأيقوني امتدادات كثيرة ومتشعبة تتركز في مجملها حول الاحتفاء البصري للإنسان بذاته وبما يصنعه في محيطه: فالإنسان يلبس ليرى نفسه منسجما، ويبني بيتا بمعمار وهندسات ذات أشكال متعددة ليراه جميلا.. ويرقص ليعبر عن جمال وانسجام حركاته في الكون.. ويصور العَالَمَ ليجرب إمكانياته وقدراته الذاتية على تمرير الكِبَرِ من قمقم آلة التصوير أو الكاميرا أو حتى من عدسة هاتفه المحمول.. ويحاول بعد ذلك أن يجمع شتات ما الْتَقَطَ ليوضبه ويركبه خالقا من تلك الأجزاء مجموعا له معنى.. فيغامر بعرضه على الشاشات التي حولت العَالَم إلى شاشة ضخمة يرى الإنسان فيها نفسه باستمرار ـ وكأنها مرآته الكبرى المعلقة في أي مكان ـ عبر تجسيده لأفراحه وأقراحه، هزله وجده، أزماته وانفراجاته.. فهذه الشاشة هي أيقونة العالم الكبرى التي يتم من خلالها الاحتفاء بكل الأيقونات، وتمرير كل الغوايات الأيقونية. فهل يمكن أن نقول بأن الشاشة هي الأيقونة المُسَكِّنَة للإنسان اليوم؟ وهل العالم سائر نحو عرض كل شيء على الشاشة؟ وهل نستطيع الجزم بأن عرض الفضاعات الإنسانية عليها يخفف من الصدمة والأزمة التي يمكن أن تنتج عنها؟ وهل تستطيع أن تغير تاريخ "الإنسان (الكتابي)"، وتقوضه لتحيله إلى مجرد كائن يكتفي بالرؤية السلبية فقط؟