وصف الكتاب:
لأستاذ الفلسفة الفرنسي جيل دولوز صدى واسع في مجال التنظير والتحليل البنوي للسرديات والأفكار التي يتداولها الوسط العام ، حيث يمكنك عبر صفحات هذا الكتاب الرائع ، سماع صوته يحدثك ، فهو يتضمن مجموعة حوارات مهمة بين النقد والسينما والتاريخ والسياسية بشكل متتالي ومُبسط جدًا. إبداع مفاهيمة الخاصة وستراتيجتيه الفلسفية عن معنى الحياة من خلال اسقاط الأفكار عليها ، وماتنطوي عليه من حب وأعجاب حيال معاصريه وغير معاصريه من المفكرين ، الذين كان عطائهم الثري يتولد من وحي الأزمات الروحية الكبرى التي عاشوها وهزتهم من الداخل وبعمق وتركتهم لاهثين على حافة الحياة. يسمع القارىء هنا، عبر فصول وصفحات «ألسنة الحال» المشرقة، صوت دولوز يحدثه، أكثر من أي كتاب آخر له، ليس عن أفكاره، إبداع مفاهيمه الخاصة، وستراتيجيته الفلسفية وحسب، وإنما أيضاً عن معنى «الحياة الفلسفية» وما تتطوي عليه من حب وإعجاب حيال معاصريه وغير معاصريه من المفكرين، الذين كان شرط عطائهم الثري والمدوخ يتولد من خلال «الأزمات» الروحية الكبرى التي عاشوها وهزتهم من الداخل وبعمق، وتركتهم لاهثين، كما يقول أنطونين آرتو، على «حافة الحياة». لكنه يسمعه أيضاً وهو يتحدث عن قضايا وظواهر القرن المنصرم والحالي الأكثر مصيرية وتوتراً، وفي مقدمتها القضية الفلسطينة و«مجد ياسر عرفات»، وقدرته المذهلة التي لم تكف عن «أنجاب وخلق شعب موجود أصلاً» في مواجهته اليومية تقريباً مع قوى وبربرية المحتل. ويسمعه أيضاً وهو يحدثه، بحميمة لا يمكن وصفها، عن الصداقة، وإمكانيتها على بلورة مفاهيم جديدة، فتح آفاق الواقع كلها أو أجزاء منها، ومن دون أن يكون هناك تأثير مباشر من أحد طرفي هذه الصداقة على الآخر. تلك كانت تجربته المتفردة بكتابة «ضد أوديب» و«ألف ميزان» مع المفكر والمحلل النفسي فيلكس غواتري، حيث شعر كل واحد منهما بأهمية الآخر، شريطة أن يكونا كلاهما مقوطنينين بما لا حصر له من الأصوات والعوالم الذاتية الأخرى، والتي لا يمكن عدها وإحصائها: جعل المُتعدد المحض فاعلاً. لقد أثار هذين الكتابين، في مرحلة الستينيات، ليس ضجة فكرية وثقافية وحسب، وأنما خضة لا مثيل لها لمنهيجة وفعل الفلسفة ذاته: انطلاقاً من هذه اللحظة، من لحظة دولوز فصاعداً، لم تعد الفلسفة مكان لأستقبال أبداعات الغير والتعلق بها، وإنما عليها أن تكون هي ذاتها مبدعة، ضمن ميدانها الخاص، كبقية الميادين الأخرى، الفن، السياسة، العلم، الخ.. سيسمع القارىء أيضاً، وهذا وعد موثوق، أثناء قراءته، صوت دولوز متحدثاً عن السينما بما كل ما ينطوي عليه تاريخها من انعطاقات وتحولات استثنائية، من السينما الصامة وحتى تلفزيون اليوم، وعن السينمائيين من كل أنحاء وأقطار العالم «المفكرون الكبار من خلال الصورة، الصور، وليس عبر مفاهيم ومقولات فكرية تقليدية وراسخة». هل أنتهينا؟ كلا…