وصف الكتاب:
المحتويات - المقدمة - الفصل الاول: التحفة المجهولة - الفصل الثاني: الحمل الطويل - الفصل الثالث: الولادة - الفصل الرابع: ما بعد الحياة الفصل الثاني: الحمل الطويل رغم أن رأس المال يعد مؤلفا اقتصاديا عادة، إلا أن انكباب كارل ماركس على دراسة الاقتصاد السياسي جاء لاحقا على قضائه لسنين طويلة في دراسة معمقة للفلسفة والادب.اذ لم ترتفع دعائم مشروع حياته ذاك الا على تلك الأسس الفكرية، فيما منحته تجربته في الاغتراب رصانة رفيعة في تحليل النظام الاقتصادي الذي حول البشر الى غرباء عن بعضهم البعض كما عن العالم الذي يعيشون فيه، العالم الذي تستعبد الانسان فيه السلطة المفرطة البشاعة والعديمة الروح لرأس المال والبضاعة. لقد كان ماركس نفسه مغتربا منذ لحظة ولادته في 5 آيار/ مايو 1818 في مدينة تريير الكاثوليكية لكن المنتمية الى دولة بروسيا البروتستانتية الأنجيلية في مذهبها الرسمي. ورغم ان منطقة الراين الحقت بفرنسا اثناء حروب نابليون، الا أنها ضمت الى بروسيا الامبراطورية قبل ثلاث سنين من ولادته. فلا عجب ان يكون كارل ماركس الشاب قد أطال التفكير في مفهوم الأغتراب مبكرا. اذ كتب في خاطرة مدرسية تعود الى السابعة عشرة من عمره:’نحن لا نستطيع دوما بلوغ الموقف الذي نعتقد بوجوب أن نوصف به، وذلك لأن علاقاتنا مع المجتمع تبدأ بتأسيس نفسها، الى حد ما، قبل أن نصل الى المرحلة التي نتمكن فيها من تحديد شكل هذه العلاقات. بدأ ماركس الاستغراق في القراءة منذ طفولته، فيما ساعد الألحاق السابق لمدينته بفرنسا في انتشار شغف فرنسي الميل نحو مجالات السياسة والدين والحياة والفن. أما التأثير الفكري الآخر الذي لعب دورا في حياة الصبي ماركس فقد جاء من معلمه الخاص البارون لودفيغ فون فستفالم الليبرالي الواسع الثقافة الذي درسه (مع ابنته جيني فون فستالن، زوجة كارل ماركس في ما بعد) الشعر والموسيقى. وأثناء جولات المشي الطويلة، كان البارون ينشد مقاطع شعرية من هوميروس وشكسبير، سرعان ما حفظها رفيقه الفتى عن ظهر قلب، ليستخدمها لاحقا كتوابل أساسية في كتاباته. وسبق لماركس ان استعاد، في شبابه، ذكريات تلك الجولات الجميلة مع البارون حينما كان ينشد مشاهد شعرية من شكسبير او دانتي او غوته أمام افراد عائلته وهم يتنزهون، أيام ألعطل، في حدائق هامبستيد هيث الساحرة. وقد كتب البروفسور س. س. برور أن كل فرد من عائلة ماركس كان مضطرا للعيش في ظل أجواء مثيرة من اشارات متواصلة الى الأدب الانجليزي، اذ لكل مناسبة ثمة مقتبس أدبي: لمسح الأرض بخصم سياسي، لأعادة الحياة الى نص متخشب، لضخ الدفء في نكتة، لبث المصداقية في الاحاسيس- أو لبعث النبض في مفهوم تجريدي لاروح فيه، كما هو الحال (في المجلد الأول من رأس المال)عندما جعل رأس المال يتكلم عبر صوت شايلوك (مسرحية تاجر البندقية لشكسبير) مبررا استغلال عمل الاطفال في المصانع. فعندما احتج العمال ومفتشو المصانع عليه مستندين الى قيم اخلاقية وصحية، تصدى رأس المال مجيبا: أنا وحدي المسوؤل عن افعالي اريد تطبيق القانون وتوقيع العقوبة وتطبيق احكام العقد وللبرهنة على أن النقود تلعب دورا جذريا كرافعة، يورد ماركس مقتطفا من تيمون الأثيني (شكسبير)’النقود هي البغي المشتركة بين البشر‘، يليه مقتطف آخر من أنتيغونا سوفوكليس (النقود! النقود هي لعنة الانسان، ليس هناك لعنة أكبر!/ النقود هي من يخرب المدن، من ينفي الرجال من أوطانهم/ تغوي وتخدع الارواح الفائقة الصفاء/تدفع الناس الى طريق الخسة والعار...‘). كما شبه الأقتصاديين الذين يقدمون تحليلات تنطوي على مفارقات تاريخية بـ دون كيشوت الذي ’انزل به القصاص لأنه تخيل خطأ بأن ترحال الفرسان الهائمين على وجوههم يتناغم بشكل متساو مع كل الاشكال الاقتصادية للمجتمع‘. كانت طموحات ماركس، في البداية، أدبية محضة. فعندما كان طالبا للحقوق في جامعة برلين ألف ديوانا شعريا، ومسرحية شعرية وحتى رواية بعنوان العقرب وفيلكس كتبت على عجل في نوبة من نزوات الانتشاء اثر وقوعه تحت سحر الرواية الكوميدية المشهورة تريستان شاندي التي ألفها الروائي البريطاني لورنس ستيرن (1713-1768). لكن ماركس اعترف بالهزيمة بعد هذه التجارب: ’فجأة، كما لو أنها لمسة سحرية – آه، كانت اللمسة أول ضربة ساحقة – وقع نظري على المملكة النائية للشعر الحقيقي مثل قصر ناء لعبقر واستحالت مخلوقاتي الى لاشيء...اسدلت الستارة، وأقدس أقداسي تحطم الى شظايا، وتوجب رفع آلهة جديدة.‘ وبعد تعرضه الى مايشبه الانهيار العصبي، أمره الطبيب أن يتوجه الى الريف للأخلاد الى فترة نقاهة طويلة، وهناك استسلم، في النهاية، الى الصوت الحميم ل جورج فيلهلم فريدريك هيغل، استاذ الفلسفة في برلين الراحل للتو الى العالم الآخر، لكن الذي غدت مؤلفاته موضوعا لنقاشات ساخنة بين مريديه من الطلبة وكذلك اساتذتهم. وهيغل كان في شبابه مثاليا ونصيرا متحمسا للثورة الفرنسية، بيد أنه تحول، في كهولته، ليغدو رخي البال لينا ومؤمنا ان الانسان الناضج حقا يجب ان يسلم بـ ’الضرورة الموضوعية لعالمنا ومعقوليته كما يجدها‘. فوفقا لهيغل، ’كل ما هو واقعي معقول‘، ولذا فقد جادل أنصار هيغل المحافظين بان الدولة البروسية مادامت واقعا فهي موجودة بهذا المعنى، دون أي شك، وبالتالي فانها معقولة وفوق أي نقد. أما اولئك الذين ظلوا يؤمنون بمفاهيم هيغل المبكرة ويطلق عليهم –’الهيغليون الشباب‘– وكانوا أكثر راديكالية بكثير، فانهم فضلوا الأستناد على النصف الثاني من ذلك المفهوم الذي ينص على ان:’كل ما هو عقلاني واقعي.‘ فنظام ملكي مطلق دعامته الاساسية مراقبو المطبوعات والشرطة السرية لايمثل العقلانية باي شكل صريح ولذلك فهذا النظام غير واقعي، انما مجرد سراب سيتلاشى حالما يجرأ أحد على المسّ به. وعن ايامه في الجامعة يقول ماركس:’عمدت، في العادة، على التقاط مقتطفات من جميع الكتب التي قرأتها‘- وهي عادة لم يتخل ماركس عنها مطلقا. وتظهر قائمة قراءاته في تلك الفترة مدى نضجه المبكر في حفرياته الفكرية. فحينما كان يكتب دراسة عن فلسفة القانون، قام بدراسة تفصيلية عن تاريخ الفن الذي ألفه وينكلمان، كما بدأ يعلم نفسه الانجليزية والايطالية، وترجم كتابي جيرمانيا ل تاسيتوس و الخطابة لأرسطو، وقرأ مؤلفات الفيلسوف الانجليزي فرانسيس بيكون، وقال:’قضيت وقتا طويلا ممتعا مع ريماروس، وانكب عقلي ببهجة على كتابه الذي يدور حول الغرائز الفنية للحيوانات‘. وهذا الاسلوب المتشعب المصادر، النهم القراءات، المهتم بتلمس كل جوانب الموضوع هو ذاته الذي استخدمه في بحثه حول رأس المال مانحا مجلداته اتساعا استثنائيا في مصادره. وفي اطروحته لنيل الدكتوراه المعنونة’ الاختلاف بين الفلسفتين الـديموقريطسية والابيقورية‘ يبدو توصيف ماركس ل ديموقريطس وكأنه رسم لصورة ملفتة للنظر لذات ماركس نفسه:’كان شيشرون يطلق على ديمقريطس تسمية:ضليع في الفيزياء، وفي علم الاخلاق، والرياضيات، وفروع المعرفة الانسكلوبيدية وفي كل واحد من انواع الفنون.‘ وبدا الدكتور* كارل مارس، لفترة من الزمن ، غير واثق من افضل السبل لأستخدام معرفته الموسوعية. فقد فكر، بعد حصوله على الدكتوراه، أن يعمل كمحاضر للفلسفة لكنه قرر، بعدئذ، أن قربه زمانيا ومكانيا من أساتذة الجامعات أمر لايمكن ان يطاق’من يريد ان يفرض عليه، دوما، التحدث مع مخلوقات فكرية لافائدة فيها، اناس واظبوا على الدراسة، فقط، من اجل التوصل الى غايات جديدة لاحياة فيها في كل زاوية من العالم!‘. اضافة الى ذلك، كانت أفكار ماركس تتحول، منذ تخرجه من الجامعة، من المثالية باتجاه المادية، من المجرد الى الواقع. وكتب عام 1842’مادامت كل فلسفة حقيقية ما هي الا خلاصة زمانها، يجب أن يأتي زمان تصبح فيه الفلسفة ليس على اتصال مع العالم الواقعي ليومها فحسب، بل ومتفاعلة معه، ليس فقط داخليا عبر مضمونها، بل خارجيا عبر شكلها أيضا.‘ وبدأ، في ذلك الربيع، يكتب في صحيفة راينسش زيتنغ الليبرالية الجديدة التي تصدر في كولون، وبعد ستة اشهر فقط عين رئيسا للتحرير فيها. * الدكتور لقب يحرص بعض البريطانيين اطلاقه، تحببا، على ماركس . واتسم عمل ماركس في الصحافة باندفاعه الجريء مما يفسر سبب امضائه معظم حياته في المنفى والعزلة السياسية. فمقالته الاولى ذاتها احتوت على هجوم ساحق على كل من تعصب للنظام الاستبدادي للدولة البروسية من جهة وعلى خصومها الليبراليين البلهاء من جهة اخرى. كما انه لم يكتف بخلق اعداء له بين اوساط الحكومة والمعارضين لها معا، بل استدار على رفاقه انفسهم، شاجبا لدى الهيغليين الشباب ’فظاظتهم وبذاءة لسانهم‘. وبعد شهرين فقط من تسنم ماركس لمسوؤلية رئاسة تحرير الجريدة، أمر حاكم المقاطعة من مسوؤلي رقابة المطبوعات في برلين بتقديمه للمحاكمة بسبب’نقده الوقح والمهين‘. فيما ناشد نيقولاي، قيصر روسيا، الملك البروسي الامر باغلاق الجريدة، بعد ان شن ماركس هجوما على القيصر وحكومته في مقالات ساخرة عنيفة. وهكذا صدر الامر باغلاق الجريدة في آذار/مارس 1843، حيث كان لماركس من العمر 24 عاما عندما جند قلمه لاشاعة الفزع في التيجان الجاثمة على دول أوربا مثيرا سخط ملوكها. وعندما ادرك ماركس ان لا مستقبل له في بروسيا قبل دعوة للأنتقال الى فرنسا للعمل كرئيس تحرير مشارك لجريدة جديدة يصدرها المنفيون الالمان باسم دويتش - فرانزوسش جاهربوشر. لكن ماركس ارسل توضيحا واحدا فقط :’عقدت خطوبتي واتهيأ للزواج، ولن استطيع ولا يجب ولن اغادر المانيا من دون خطيبتي.‘ تزوج كارل ماركس جيني فون فستفالن في حزيران/يونيو 1843. واثناء بقية فصل الصيف، عندما كان ينتظر استدعاء الجريدة له الى باريس، تمتع بقضاء شهر عسل طويل مع زوجته في منتجع كرويزناخ. وحينما كان لايمضي وقته بالتمشي غرب النهر، كان يلزم غرفته يقرأ ويكتب بنهم شديد. فقد كان ماركس يحب كتابة افكاره التي يتوصل اليها على الورق. وتظهر صفحة بقيت من دفتر ملاحظاته آنذاك صيرورة عمله: "ملاحظة. تحت حكم لويس السادس عشر، الدستور نعمة على الناس من الملك (وثيقة فرضها الملك)، وتحت حكم لويس فيليب، الدستور نعمة من الناس على الملك ( وثيقة تفرض الملكية). وعموما يمكننا ملاحظة ان تحويل المسند اليه الى مسند، والمسند الى مسند اليه، وتبديل من يقرر الى ما يقرر، يمثل دوما ثورة قريبة جدا.... فالملك يضع القانون(الملكية القديمة)، القانون يصنع الملك(الملكية الجديدة). بيد ان قلب القواعد البسيط هذا يكشف أيضا عن خلل في الفلسفة الالمانية. فقد افترض هيغل ان ’فكرة الدولة‘هي الفاعل والمفعول به هو المجتمع، في حين ان التاريخ اظهر ان العكس هو الصحيح. بيد ان قلب هيغل رأسا على عقب يحل بناتجه المشكلة:فالدين لا يصنع الانسان بل الانسان يصنع الدين، والدستور لايخلق الشعب بل الشعب يخلق الدستور. ورغم ان ماركس استلف الفكرة من لودفيغ فيورباخ ، الذي جادل في كتاب له أن’ الفكرة تنهض من الوجود، وليس الوجود من الفكرة‘ فان ماركس وسع منطقها من الفلسفة المجردة الى العالم المادي. وكما كتب في اطروحة حول فيورباخ نشرت عام 1845، ’ان الفلسفات لم تقم حتى الآن إلا بتقديم تفسيرات للعالم والمطلوب الآن تغييره.‘هنا، على شكل نطفة بعد، الاطروحة الاساسية لمجلدات رأس المال. فالرأسمالية تظل، رغم النجاحات الاقتصادية الباهرة والواضحة، تلعب دورا كارثيا لأنها تحول الناس الى مجرد سلع قابلة للمقايضة بسلع اخرى. وحتى تلعب الانسانية دورها المؤكد في كونها فاعلا للتاريخ وليس مفعولا به، فليس هناك مهرب من استبداد الراسمالية. كان اعضاء الهيئة الثلاثية المشرفة على جريدة دويتش - فرانزوسش جاهربوشر، وهم كارل ماركس، والصحافي آرنولد ريوج والشاعر جورج هيروغ، قد وصلوا الى باريس في خريف عام 1843 واسسوا تعاونية اشتراكية أي كومونة في منطقة ريو فانيو، تلهمهم التعاليم الطوباوية للفيلسوف الاشتراكي الفرنسي شارل فورييه. وكانت حياة تجربة العيش في ظل الكومونة قصيرة الأمد مثل حياة الجريدة نفسها:بعد عدد واحد اختلف المحررون الثلاثة مع بعضهم وتفرقوا. بعد ذلك، قبل ماركس عرضا بالكتابة في جريدة فورفاتس الشيوعية النصف شهرية التي كان يصدرها المنفيون الالمان، والتي عرض ماركس على صفحاتها لاول مرة قناعاته بان الوعي الطبقي يمثل بذور الاخصاب للثورة. اذ قال فيها ان ’البروليتاريا الالمانية تلعب دور المنظر للبروليتاريا الأوربية، بالضبط كما تلعب البروليتاريا الانجليزية دورها الاقتصادي والبروليتاريا الفرنسية دورها السياسي‘. وذلك قبل ان يعلن أنجلز لاحقا ان الماركسية ذاتها هي مزيج من هذه الروافد الثلاثة. وكان ماركس، في هذه الفترة، احكم القبض على زمام الفلسفة الالمانية وعلم السياسة الفرنسي، وتوجب عليه بعدهما تثقيف نفسه بالاقتصاد البريطاني، فبدأ يقرأ مؤلفات آدم سميث ، ديفيد ريكاردو وجيمس مل مدونا بعجالة تعليقاته النقدية على كل صفحة يمر عليها في مؤلفاتهم. هذه التعليقات النقدية، التي جمعت في كتاب ونشرت تحت عنوان مخطوطات باريس تمثل المسودات الاولى لما غدت عليه لاحقا مجلدات رأس المال. وتبدأ اول مخطوطة بتأكيد مباشر:’يحدد الاجور الصراع الضاري بين الراسمالي والعامل. ويكسب المعركة الراسمالي حتما. يستطيع الرأسمالي الاستمرار في الحياة مدة اطول من دون العامل، لكن العامل لا يقدر على ذلك من دون الراسمالي.‘ واذا كان رأس المال لاشيئ غير الثمار المتراكمة لجهود العمال، فاذن، فان روؤس اموال البلاد ودخلها لا تنمو الا عندما ’تستلب من العمال منتوجاتهم اكثر فاكثر، وعندما يواجه العامل باضطراد عمله كملكية غريبة عنه وتتركز تصاعديا وسائل وجود العمال وجهودهم بايدي الراسمالي‘. وحتى في اكثر الظروف الاقتصادية ملائمة، فان مصير العامل سيواجه، حتما ’ظروف كدح اشد، وموت مبكر، اختزاله الى آلة، وعبودية لرأس المال‘. ويصبح عمله كائنا خارجيا’يوجد خارجه، مستقلا عنه وغريبا عليه، ويبدأ بمواجهة العامل كسلطة ذات حكم ذاتي، والحياة التي نفخها العامل على الشيئ يواجهه ككائن عدواني وغريب‘. هذه الصورة استمدها من رواية فرانكشتاين(كتبتها ماري شيلي زوجة الشاعر الرومانطيقي الشهير شيلي) وهذه الرواية احد الكتب المحببة الى نفس ماركس، وتحكي قصة رجل يخلق في مختبره وحشا، فينقلب الوحش ضد خالقه. ورغم ان بعض الباحثين الكبار يدعون ان هناك’قطيعة جذرية‘ بين فكر ماركس الشاب وماركس الراشد، فان تحليلات ماركس وتعبيراتها المذهلة تشي بكل وضوح على ان كاتبها هو ماركس نفسه الذي جادل في رأس المال، بعد اكثر من 20 سنة، بان الوسائل التي تزيد الراسمالية بها الانتاج تتمثل بـ’تحويل العامل الى شبح لأنسان، تحط من انسانيته الى حد تحويله الى آلة، تدمر المضمون الحقيقي لعمله بتحويل هذا العمل الى نوع من التعذيب، وتدفعه الى الاغتراب عن الطاقات الفكرية الكامنة في صيرورة العمل.... تحول زمن حياته الى زمن للعمل، وتجر زوجته واطفاله الى مطحنة الراسمالية الساحقة‘.