وصف الكتاب:
هناك دائمًا توتر في النقاش حول هذه التفاصيل، كما لو كان كل حدث بسيط لا يقتصر على نفسه، على صغره الواضـح، وأنه يخضع لوجهة نظر أعم وأشمل للأحداث. هناك أيضًا بقايا لتوترات من عقود أخرى، وحياء قديم يُؤَجّل كل جملة يسمحان لأنفسهما بقولها، وفكرة حذرة خارج سياق التاريخ، لسر لا يمكن البوح به، كما لو كان الكشف عن هذه البيانات وذكر أسماء المشتركين فيها ضربًا من الطيش تُوَبّخ الحركة من يفعله - أو ما هو أسوأ، أن يُعَاقِب عليها جلادون عنيدون لنظام لا يعرف الرحمة. في بعض الأحيان يبدو وكأنهما يخفضان الصوت عند الـحديث عن حدثٍ معين، ويذكران القصص في وسط الكلام، ولديّ انطباع أكيد أنهما ما زالا يخشيان آذاننا - أننا ما زلنا، في نظرهم، أطفالًا يجب تجنيبهم وحشية العالم، أو حتى عملاء مزدوجون خطرون يمكن في نهاية المطاف أن نسلمهما للشرطة عن غيـر قصد. لمن، هذا ما أسأله، من سيكون مهتمًا اليوم بهذه التفاصيل التافهة لزمن بعيد، والـجواب الذي يُكَرّره أبي دائمًا يُعَدّ مزيجًا مستحيلًا من الـخيال وبُعد النظر: الديكتاتوريات قد تعود، يجب أن تعرف ذلك. الديكتاتوريات يمكن أن تعود، أعرف، وأعرف أن اختياراتهم، وأشكال ظلمهم والمعاناة منهم، موجودة بجميع أشكالها، في كل الأنظمة حتى عندما يسيـر حشد من المواطنين نحو صناديق الاقتراع كل سنتين - هذا ما أفكر فيه عند الاستماع ولكني امتنع عن قوله حتى أحافظ عليه من وحشية العالم أو خشية من ألا يفهمني.