وصف الكتاب:
يسلط الكاتب علي بدر في قصته (حفلة القتلة) الضوء على مرحلة من التاريخ مليئة بالتصفيات الجسدية والقتل الجماعي. فقد كان بارعاً في وصف هذه الحقبة، إذ يجعلك تعيش هذه اللحظات كانها حقيقة. حقبة مظلمة لكن الموت والجمال في هذا المكان متجانسين وهنا كأنّنا بعلي بدر يُوحي للقارئ بأننا نحن جنس البشر من يتلاعب بهذا الجمال، وبإمكاننا أن نجعل منه جحيماً، لمن يخالفنا الرأي. ثانياً، ظاهرياً، يبدو هذا المكان لتسلية، إذ يقول بطلهُ: ” في اليوم الاول عرفت أنه مكان لتسلية عائلات الضباط الكبار في شعبة التحريات السياسية، ولكن فيما بعد عرفت أن الطابق الأول والسرداب والكراج الداخلي هو مكان التحقيق والسجن وتنفيذ العمليات “. ثالثاً، يركز الكاتب على مسألة المكان، إذ انَ الشيء المُحزن في هذا المكان هو أنَ عوائل الضباط تمارس الرقص والسباحة بالمايوهات، وبالقرب منهن في السراديب يتم سلخ جلود الناس ” وفي زيارتي الأولى فهمت ان القسم السفلي هو الجحيم بعينه، حيث تشوى أجساد المشكوك فيهم وهم أحياء، ويقوم ذلك ضباط التحريات بينما عائلاتهم ترقص في الأعلى، وبناتهم بالمايوهات في برك السباحة، وزوجاتهم يأكلن الباربكيو، ويتحدثن عن الموضة . تدور أحداث هذه القصة حول ج. ع وهو النموذج الصدامي الذي لا يعرف الرحمة، والذي يُمكن أن نُطلق عليه تسمية (آلة الموت المستمرة في تعذيب الآخرين)، ولكن المضحك في أمر هذه الشخصية هو أن مصيرها سيكون المصير الذي كان يعذب به الناس؛ لذلك يبدو لي أنَ علي بدر أراد ان يوجه رسالة واضحة للقارئ ان الجميع في هذه الدولة البوليسية كان تحت دائرة الاتهام او الشك، ولن ينُجو أحد اذا ما وقع في هذه الدائرة.