وصف الكتاب:
الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى آله الطاهرين، وبعد. روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ عليَّ بن أبي طالب إمام أمّتي وخليفتي عليها من بعدي، ومن ولده القائم المنتظر، الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً، كما مُلئت ظلماً وجوراً. والذي بعثني بالحقّ بشيراً، إنّ الثابتين على القول بإمامته، في زمان غيبته، لأعزّ من الكبريت الأحمر. فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاريّ، فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ قال: إي وربيّ، وليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين. يا جابر، إنّ هذا الأمر أمر من أمر الله، وسرٌّ من سرّ الله، مطويّ عن عباد الله، فإيّاك والشّكّ فيه، فإنّ الشكّ في أمر الله - عزّ وجلّ - كفر"[1]. قضيّة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف ليست قضيّة من نسج الخيال، يدغدغ الحالمون بذكره طموحاتهم، ويسكِّن المظلومون بالإيمان به ألم الظلم عنهم، ويرى الكسالى في الآمال الخادعة تسويغاً لكسلهم. بل على العكس من ذلك، إنّ قضيّة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف شعورٌ فطريٌ مرتكَز في عمق الإنسانيّة، حيث إنّ هذه القضيّة عالميّة وإسلاميّة. فكلٌّ يؤمن بمهديٍّ يخرج في زمن ما، وإن اختلفت الأسماء، إلّا أنّ النظرة الإسلاميّة، والشيعيّة بالخصوص، تؤمن بمهديّ موجود بيننا، أخبر به الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمّةُ الأطهار عليهم السلام، بروايات كثيرة لا يشوبها شكّ. فلذلك كانت قضيّة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف واقعاً وليس خيالاً، وحقيقة وليست [1] الصدوق، الشيخ محمد بن علي، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرسين بقمّ المشرّفة، إيران - قمّ، 1405ه - 1363 ش، لا.ط، ص288.