وصف الكتاب:
- رأيتك وقد عزمت على الصلاة فقطفتُ بعض التوت البري لأطعمك إياه بيديّ هاتين، فأنت بركتنا يا شيخ عبد الواحد. ألا تأكل من يديّ؟ تأكد الإمام من أن الصوت الذي يتحدث إليه، لم يكن صوت شيطان مقامر تجرأ على الظهور جليا تحت نور الله، أو ملاك، حط فجأة، من غياهب السماء، ليشاركه صلاته و حمده وتسبيحه لله العلي القدير، بين أحضان الطبيعة، بل صوت أنثى بشرية، تفوح منها رائحة خمر البرية قبل سباتها الشتوي، إنه صوت أمينة، وأن ما رآه كان ثوبها القرمزي، الذي يلف جسدها المكتنز، النابض بشهوة الحياة، وأهدابها الوطفاء المكحلة المحيطة بعينيها الشهلاوتين، وهي تحاول إخفاء تلك النظرة الأنثوية،الشكوكة المغرمة المتدفقة، عسلا مصفّى، من شهد عينيها ومن بشرتها القمحية المتوردة الوجنتين. - أين كنت تختبئين؟ سأل الإمام متلعثما وقد تحشرج صوته، وتلاحمت رموش عينيه كتلاحم السيوف، في معركة حامية، تكاد تقترب من نهايتها، والفوز فيها لمن يصبر، و يثبت، في تلك اللحظات الحرجة. - ولماذا أختبئ يا مولاي! تساءلت أمينة في غنج، وقد نفحت بأنفاسها الحارة لتلامس وجه الإمام، الذي استنشق أريجها، فتنفس الصعداء، وعاد وأغمض عينيه..