وصف الكتاب:
يعد قانون العمل - رغم حداثته- من أهم فروع القانون لأهتمامه بهدف يميزه عن باقي فروع القانون، لأن الأصل أن القاعدة القانونية تحقق المساواة بين الأفراد بطريقة عامة مجردة؛ ولكن في ظل قانون العمل فإن المشرع يهدف إلى تحقيق الحماية للطرف الضعيف في تلك العلاقة التي ينظمها والمتمثل بحماية العامل في العمل لدى صاحب العمل. لذا فلم يغب عن واضعيّ الدساتير(() ينظر في ذلك المادة (22) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005م، إذ ينص على أنه " أولاً- العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة، ثانيًا- ينظم القانون، العلاقة بين العمال وأصحاب العمل على أسس اقتصادية، مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية"، وكذلك ينظر أيضًا نص المادة (11) من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 2014م، " تكفل الدولة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة... وتمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل " والدستور الجزائريّ أيضًا نص في المادة (55) منه، على أنه " تحظى الأسرة بحماية الدولة والمجتمع ".) العديد من المبادئ التي يتعين عن طريقها توفيرالحماية للعامل، سواء أكانت عن طريق النص على المساواة في التشغيل، أو المساواة في الأجر، أوفي حظر التمييز في العمل بسبب الجنس، أو الدين، أو العرق. وكذلك لم يغب عن واضعيّ المواثيق الدولية لحقوق الإنسان(() المواد(25،24،23) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (6) من الاتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية 1966م، واتفاقية الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1979م، للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. )، والمستويات العمل الدولية والعربية النص على توفير الحماية اللازمة للعمال، سواء أكان ذلك في تحديد الحد الأدنى لعمل الأحداث، وحظر تشغيل الأحداث والمرأة في بعض المهن والصناعات، أو الأعمال الليلية التي تكون ضارة لصحتهم، أو أخلاقهم، إضافة إلى حماية الأمومة للمرأة العاملة، والتأكيد على حماية أجر العامل بأن لا تقل عن الحد الأدنى المقرر قانونًا، والتأكيد أيضًا على حماية العمال من إصابات العمل وتوفير بيئة عمل سليمة بتوفير كافة احتياطات الصحة والسلامة المهنية للعمال. أما التشريعات الوطنية، فتطبيقًا للالتزام بالدستور، فقد أصدرت التشريعات العربية قوانين خاصة بتنظيم تشغيل العمال، وذلك على صعيد المستويات العمل الدولية والعربية، ولكن تباينت التشريعات العمالية فيما بينها من الأحكام الخاصة بالعمال، من حيث الحد الأدنى لسن التشغيل، أو الأعمال التي يحظر على الأحداث، والمرأة تشغيلها، وكذلك في عدد ساعات العمل، وأوقات الراحة، والأجازات. اتفقت التشريعات العمالية على توفير الحماية للعامل الأجير أكثر من صاحب العمل ذلك أن المركز الاقتصاديّ والاجتماعيّ الضعيف للعامل يجعل مسألة حمايته أمرًا حتميًا في ظل نظام الاقتصاد الحر الذي يطغى فيه الجانب التعاقديّ أكثر من الجانب التنظيميّ، ويغلب فيه المنطق الاقتصاديّ على المنطق القانونيّ، على خلاف تشريعات الضمان الاجتماعيّ، والتي تعد بطبيعتها لائحية تفترض حماية أكثر بالنظر للطبيعة العامة، والملزمة والإنسانية لمنظومة الضمان الاجتماعيّ.